رواية تدل على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلا فهي ليست مخالفة مع القرآن الكريم وما فيه من الحث على التوجه إلى الله والتقرب منه عند كل مناسبة وفي كل زمان ومكان. وهذا يعني ان الدلالة الظنية المتضمنة للاحكام الفرعية فيما إذا لم تكن مخالفة لاصل الدلالة القرآنية الواضحة تكون بشكل عام موافقة مع الكتاب وروح تشريعاته العامة، خصوصا إذا ثبتت حجيتها بالكتاب نفسه([11]) ولاريب في ان النظرية العامة تكشف النقاب عن هذه الروح العامة للقرآن. تأملات في فقه النظرية العامة هناك جملة من التساؤلات تواجه البحث حول النظريات العامة في الإسلام: التأمل الأول – ان البحث حول فقه النظرية العامة مبني على مصادرة وفرض وادعاء بحاجة إلى اثبات، فمن قال ان الشريعة تشتمل على نظرية عامة أصلاً؟ فلعل الشريعة تتصف بمنهجية خاصة، فلاينبغي ان نقيسها بالمدارس والاطروحات الأرضية. والجواب: ان لدينا ارتكازا متشرعيا له مبرراته الموضوعية منعقد على ان الإسلام يمتلك مواقف في مختلف مجالات الحياة؛ باعتبار ان الإسلام جاء للتطبيق والعمل، ولم يكن كالمسيحية التي باتت مجموعة طقوس وعبادات، فهناك ملازمة بين ضرورة تطبيق أحكام الله وشريعته وبين امتلاك الشريعة ملاكات كبروية تجمع شتات تلك الاحكام الفرعية وتلم شعثها. وكما قلنا ان هذا الارتكاز لم ينشأ صدفة، بل له أسباب موضوعية، فان الشريعة نفسها قد صرحت ببعض الخطوط العامة للتشريع من قبيل: 1 – نفي الضرر، فان ذلك يعتبر قاعدة مهمة وشاملة للشريعة بكل ابعادها.