فان النظريات العامة تعطي للادلة الشرعية بعدا جديدا شأنها في ذلك شأن اية قاعدة فقهية أخرى لكن بأفق ارحب واوسع، وبذلك يتطور لدينا مفهوم القاعدة الفقهية، وتبرز موارد جديدة لها. هذا من جانب ومن جانب آخر ان فقه النظرية سينفع باتجاه تفعيل عملية الاجتهاد وادخال عنصري الزمان والمكان في الاستنباط. وانت خبير بان اخضاع عملية الاجتهاد لتأثير الزمان والمكان مطلقا ومن دون وضع حدود يعني مسخ الشريعة ومحقها، إلا اننا يمكننا تحصين الاجتهاد من تلك الاخطار بفقه النظرية الذي هو بنيان مرصوص وحصن واق. وأيضاً من جملة الآثار التشريعية معرفة مدى الموافقة أو المعارضة مع الروح العامة للكتاب، فقد ذكر الفقهاء في بعض الابواب كالشروط والاصوليون في باب التعارض مقياسا وهو عدم مخالفة الشرط أو الحديث مع الكتاب الكريم، والا فيسقط الشرط وكذلك يسقط الحديث عن الاعتبار عند المخالفة. والتفسير المشهور لذلك : ان كل حديث لايكون في القرآن دلالة – ولو بالعموم أو الاطلاق – توافق مدلوله وتشهد عليه لايكون مقبولا.([10]) وفي قبال ذلك اختار الشهيد الصدر(قدس سره) بأنه ليس المراد من المخالفة والموافقة المضمونية الحدية مع آيات الكتاب، بل انها تشمل حالات المخالفة مع الروح العامة للقرآن الكريم، وما لاتكون نظائره واشباهه موجودة فيه. ويكون المعنى حينئذ ان الدليل إذا لم يكن منسجما مع طبيعة تشريعات القرآن ومزاج احكامه العام لم يكن حجة، فمثلا لو وردت رواية في ذم طائفة من الناس وبيان خستهم في الخلق أو انهم قسم من الجن، قلنا ان هذا مخالف مع الكتاب الصريح في وحدة البشرية جنسا وحسبا ومساواتهم في الإنسانية ومسؤولياتها مهما اختلفت اصنافهم والوانهم. واما مجيء