يستفتيك لا تجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأجرِهِ عليه، وافته به دون عرف بلدك، والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح. والجمود على المنقولات أبداً ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين"([18]). وهذه العلوم التي تساعد المجتهد تخدمه من جهتين، من حيث كشفه عن المقاصد الشرعية، ومن حيث انها تضبط الوسائل التي تمكن من الكشف عن هوة المقاصد، ومن هنا أصبح الوصل بين العلم العقلي والعلم الشرعي ضرورياً لكمال العلم الإسلامي، فليس العلم العقلي دون النقلي في اتصافه بالشرعية. ومهمة التجديد تحتاج إلى حرية، والى الاستماع إلى آراء الآخرين، ولذلك كان الخلاف في هذا المجال الاجتهادي مشروعاً، وتاريخ الفقه الإسلامي اكبر دليل عليه، وتعدد المذاهب اوضح برهان مما يشير إلى حرية كافية في الاجتهاد ليخلص المجتهد إلى ما اداه إليه اجتهاده، واذا اخطأ فان خطأه لا يخرجه عن الاجتهاد بل يؤجر عليه. ومن شروط هذا التجديد التحرر من العصبية المذهبية، واعتبار المذاهب الإسلامية الفقهية المشهورة وغير المشهورة، كمذهب ابن عباس (ت 68 هـ) وسعيد بن المسيب (ت 94 هـ) وابراهيم التحفي (ت 96 هـ) ومذهب عبدالرحمن الاوزاعي (157هـ)، ومذهب سفيان الثوري (161هـ) والمذهب الظاهري ومذهب داود بن علي (ت 270هـ) ومذهب ابي جعفر الطبري، (ت 310هـ) ومذهب الامام جعفر الصادق (80ـ148هـ) عليه السلام، وما نقل عنه من فقه في المدينة المنورة، والفضل بن شاذان النيشابوري القمي (260 هـ) ويونس بن عبدالرحمن وغيرهم من تلاميذ الإمام جعفر الصادق، وفي دور التدوين نجد علي بن بابويه (ت 329هـ) في كتابه: "الشرائع"([19]) وابنه الشيخ الصدوق في كتابه "الهداية" وكتاب "المقنع"، وأبو محمد الحسن بن علي الحذاء في كتابه "المستمسك بحبل آل الرسول"، والشيخ محمد بن محمد المفيد (337ـ413هـ) في كتابه: "المقنعة في الفقه" ([20]) وغيره من مؤلفاته ورسائله الكثيرة. وابو علي محمد الاسكافي (ت 381هـ) صاحب كتاب "الاحمدي في الفقه المحمدي"، و"تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة"، والشيخ المرتضى علم الهدى (ت 436هـ) ومحمد بن الحسن الطوسي (ت 460هـ) في كتابه