حقيقة الاجتهاد المنشود حقيقة ما نصبو إليه في الدعوة إلى الاجتهاد هو الاستمساك بالكتاب والسنة والاحتكام إليهما (قُل أطيعوا الله والرّسول) ([12]) ففيهما الشفاء لكل داء لأنهما تضمنا الحل لكل معضلة فالله تعالى يقول: (ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ) ([13]) ويقول جل شأنه: (ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) ([14]). وعليه فالاجتهاد والتجديد انما يكونان بإنزال الثابت ـ الدليل الشرعي سواء أكان قرآناً أم سنة بأي دلالة معتبرة ـ في المتغير مع مراعاة ظروفه، فهي إذا محاكمة المتغير بمقتضى الثابت حتى ينزل إلى ارض الواقع. فهو مركب من شيئين ـ الثابت والمتغير ـ فإذا غض الإنسان الطرف عن الأول مال إلى العلمانية والتمييع، وان تمسك به دون النظر إلى الطرف الآخر مال إلى الجمود. فالاجتهاد لا يمكن ان يلغي الثابت إذ مجاله المتغير، ولا يطول قواطع النصوص لان حدوده قاصرة على الظنيات؛ فلذا قال العلامة الكبير أبو يعقوب الوارجلاني: (إنه لا يسوغ الاجتهاد إلا في فروع الشريعة أما أصولها فلا) ([15])، والمراد بالأصول ما تناوله الدليل المتصف بالقطعية في ثبوته ودلالته، أما إذا كان ظنياً في احدهما فالمجال مفتوح شريطة عدم الغاء الدليل المعتبر، وفيه يقول