ـ(423)ـ الخلفاء الأربعة فقد ورد ان النبي الذي كان يمثل السلطة التنفيذية بصفته رأس الدولة الإسلامية كان يقضي بين الخصوم بنفسه وكان يكلف غيره للقضاء في البلاد البعيدة عنه. ومن قضائه صلّى الله عليه وآله وسلم في الأمصار علي ومعاذ t. ورد عنه قولـه "يختصم إليّ الرجلان فيكون أحدهما الحق بحجته من الآخر فأقضي لـه. وورد أيضا قولـه لمعاذ بن جبل t "إذا عرض لك قضاء فبما تقضي.." وقولـه لعلي كرم الله وجهه: "إذا عرض لك الخصمان فلا تقضي لأحدهما حتى تسمع الآخر..." وكان أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي يتولون القضاء بأنفسهم في مكان وجودهم ويرسلون غيرهم إلى بقية البلاد. ويقال ان معاوية هو أول من استقضى ودفع القضاء إلى غيره(1). وأول من أوجد منصب قاضي القضاة هو الخليفة العباسي المنصور الذي ولاه لأبي يوسف وكان لا يعزل قاضيا أو يوليه إلا بمشورته، ثم أعطى قاضي القضاة حق تولية القضاة من غير ان يرجع إلى الخليفة(2). والجدير ذكره ان القضاة لم يكن لهم حق النظر في القضايا الجزائية، والحدود والقصاص، وكان ذلك من اختصاص الحاكم أو الخليفة مباشرة. ومع ان تولية القاضي وعزله كان في يد الخليفة، فقد كان القضاة يدركون ان الإسلام يوجب عليهم إلا يجعلوا لأحد سلطانا عليهم في قضائهم، وان لا يتأثروا بغير الحق والعدل وان يتجردوا عن الهوى، وان يساون بين الناس جميعا ان الله يأمركم ان ___________________________ 1 ـ عبقرية الإسلام في أصول الحكم، د. منير المجلاني، ص 342، دار النفائس بيروت. 2 ـ المصدر السابق: ص 343.