ـ(242)ـ وذبيان وبعض القبائل التي اغتنمت فرصة انشغال الجيش بإطفاء نار الارتداد)(1). والإمام علي عليه السلام هو الذي زجر أبا سفيان حينما عرض عليه الخيل والرجال لقتال أبي بكر وقال لـه:(انّك والله ما أردت إلاّ الفتنة، وانّك والله طالما بغيت الإسلام شرّاً لا حاجة لنا في نصيحتك)(2). رابعاً : حق الانفراد بالرأي: استشارة الحاكم الإسلامي لأصحاب الاختصاص وان كانت واجبة عليه إلاّ انّه غير ملزم باتباع رأي من الآراء المطروحة عليه، وله حق الانفراد برأيه ان كان هو الأصلح والأصوب، وكانت السيرة النبوية قائمة على أساس ذلك، فان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وان كان كثير الاستشارة إلاّ انّه كان في بعض الأحيان لا يشير أحداً، وينفرد بالقرار الذي أتخذه، ففي صلح الحديبية لم يلتفت صلّى الله عليه وآله وسلم إلى رأي مجموع المسلمين الذين كانوا يرفضون الصلح، ولم يستشر أصحابه في غزوة بني قريضة، وكانت سيرة الخلفاء من بعده قائمة على ذلك، وعلى سبيل المثال انّ الإمام علي عليه السلام رفض مشورة أصحابه في تفضيل أهل الشرف في العطاء كما تقدّم. وقال لابن عبّاس:(لك أن تشير عليّ وأرى فإن عصيتك فأطعني)(3). وقد تسالم جمهور الفقهاء من جميع المذاهب على حق الحاكم الإسلامي في الانفراد برأيه، وننقل رأيين من آراء المتأخرين، قال الشهيد محمد باقر الصدر:(وإذا أراد الحاكم الشرعي بشيء تقديراً منه للمصلحة العامّة وجب اتّباعه على جميع المسلمين ولا يعذر في مخالفته من يرى ان تلك المصلحة لا أهمية لها)(4). ___________________________ 1ـ لا سنّة ولا شيعة 21، الدكتور محمد علي الزعبي، دار التراث الإسلامي 1394 هـ. 2ـ الكامل في التاريخ 2: 221، ابن الأثير ـ بيروت 1385 هـ. 3ـ نهج البلاغة 531. 4ـ الفتاوي الواضحة 116، محمد باقر الصدر، دار التعارف ـ بيروت 1401 هـ، ط 7.