ـ(120)ـ الحكومة الأولى في العهد المحمدي. ولاشك ان للمدينة مميزات تجعلها أولى من غيرها لإقامة الحكومة. فلابد من ان يسوس الدين هذه الدنيا، ويرث هذه الأرض من يقوم بأمره، فقال تعالى: ?وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ?(سورة الأنبياء: 105). وقال تعالى: ?وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ?(سورة القصص: 5). فحدد الإسلام الشروط الدنيوية لأمام الحكومة بشروطه الدنيوية بالإضافة إلى الشروط الدينية التي ذكرتها سابقاً. فمنها ان يكون عالما بالنوازل والأحكام ومجتهدا وذا رأي في تدبير أمور الدولة وسياسة الرعية وسليم الحواس، ليكون قادرا على سياسة الدنيا بالدين. فإنما استطاعت الشريعة الإسلامية أن تسوس الأمور الدنيوية، وان تفى بحاجات كل مجتمعات وتطوراتها المحلية والدولية والزمنية، وان تعالج كافة القضايا والمشاكل بأعدل الحلول وأمثل الأحكام لأنها جمعت من المزايا والخصائص التي لم تتوفر لأي نظام في العالم وهذه المزايا هي: 1 ـ ربانية: فإنها من رب العالمين الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه، وجعل لكل مخلوق نظاما وشريعة، وللناس وما يتعلق بهم حكما ومنهاجا. فإن الشريعة الإسلامية التي تحكم البلاد، وتسير عليها الحكومة الإسلامية ليست من وضع بشر يحكمه القصور والعجز والتأثر بمؤثرات المكان والزمان والحال وغيرها. فإنما هي أكمل شريعة وأتمها وأعدلها فقال تعالى: ?... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ?(سورة المائدة: 3).