ـ(112)ـ الخلافة هي حمل الكافة في مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به. وجملة القول نفهم ان أهداف الحكومة في الإسلام ليس إلا لتحقيق غاية وأداء رسالة وليس لها في ذلك بين حكومات الأرض من نظير وهي قسمان: الأول: إقامة أمر الدين على الوجه المأمور به من إخلاص العقيدة والطاعات واحياء السنن وإماتة البدع، ليتوفر العباد على طاعة المولى سبحانه وتعالى. والثاني: النظر في أمور الدنيا وتدبيرها كرعاية حقوق العباد والبلاد وشؤون الإدارة وتوفير سبل الحياة المرافق العامة والقضاء والدفاع وغيرها. أولا: إقامة أمر الدين: ذلك لأن الحكومة جزء من نظام الإسلام، ووسيلة هامة من الوسائل الأزمة لصون هذا الدين، وتنفيذ أو أمره، واجتناب نواهيه. فالشخص الذي يكون في رأس الحكومة يجب ان يتحلى بصفات دينية عالية، فلا يكفي ان يكون مسلماً في الإسلام فحسب، ولكنه يجب ان يكون كذلك عادلا بمعنى الكلمة التي اصطلحت عند الفقهاء بوصف عال من الصلاح والتقوى، وأن يكون عالما بعلم يتوصل به إلى معرفة الاحكام والنوازل، لأنه لا يصل إلى الأهداف إلا من يعلمها ويؤمن بها ويعمل نحوها ولا يقوم أمر الدين إلا بيد من يليق به. وركز الإسلام في ولاية من يتصف بالصلاح والتقوى وطاعته. فقال تعالى: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ?(سورة المائدة: 55 ). وقال تعالى: ?وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ $ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ?(سورة الشعراء: 151 ـ 152).