والتأويلات البعيدة. 3 ـ احتفاظها بمصادر القوة في التفسير، من اللغة، والمصادر النقلية الأكثر ثقة في الغالب، والرأي الملتزم بأصول الاجتهاد الصحيح. 4 ـ نجح بعض هذه التفاسير في التخلص من العصبيات المذهبية إلى حد بعيد، بل استطاع بعضها أن يخطو خطوات واسعة جداً في اتجاه التقريب بين المسلمين، وهذه فاتحة عهد جديد في التفسير نستطيع أن نقول إنّ رائدها هو الشيخ محمّد جواد مغنية في تفسيره الكاشف. نقد مناهج التفسير وأثره في التقريب: لم يكن النقد في التفسير موضوعاً حديث الولادة، فلقد عرف النقد عند المتقدمين من شيوخ التفسير، فكثيراً ما يتناول المفسر أقوال غيره من المفسرين بالدرس والتحليل، مفنداً أو مؤيد اً أو مقارناً. والنقد بهذا المدى ما زال شائعاً في كتب التفسير الحديثة أيضاً، وربما لا يخلو واحد من التفاسير من وقفات نقدية موزعة على جوانب متعددة. غير أن هذا الموضوع قد أصبح حديثاً موضوعاً مستقلاً قائماً بذاتة، وقد صنفت فيه كتب عديدة اتسم بعضها بالشمول، وتخصص بعضها بباب معين أو طبقة معينة، لكن الغالب على هذه الدراسات أنها اتخذت طابعاً مذهبياً بحتاً سلبها كثيراً من الموضوعية في الدراسة والدقة في التقييم، فهي في الأغلب الأعم لا تتناول تفاسير المسلمين على حد سواء لتزنها بميزان واحد، وتقوم بدراستها وفق قواعد ثابتة مشتركة. إذن عادت الآراء المذهبية لتفرض نفسها على المنهج النقدي أيضاً، وهذه مشكلة كبيرة تحول دون وقوف القارئ المسلم وغير المسلم على الحقيقة المجردة من الأهواء والنزعات الطائفية.