@ 57 @ العباسي سنة سبع وأربعين ثم كر راجعا إلى المغرب فقبض في طريقه وحدث بالأندلس والمشرق وكان عالما عاملا متصوفا شاعرا مجودا مع التقدم في الصلاح والزهد والعزوف عن الدنيا وأهلها والإقبال على العلم والعبادة وله تصانيف كثيرة مفيدة منها كتاب الكوكب وكتاب النجم من كلام سيد العرب والعجم عارض به كتاب الشهاب للقضاعي وقد رويته وكتاب الغرر من كلام سيد البشر وكتاب ضياء الأولياء وهو أسفار عدة وحملت عنه معشراته في الزهد وكتبها الناس وأخبرنا بها أبو الربيع بن سالم عن أبي المطرف بن جزي وأبي الحسن بن فزارة وأنا غيره عن أبي أحمد بن سفيان ثلاثتهم عنه ذكره أبو عمر بن عات وأثنى عليه وقال أخبرني عنه الوزير الفقيه أبو بكر بن سفيان وكان يصف لي علمه وإمامته وورعه وزهده وأخبرني ابنه أبو أحمد أنهم كانوا يدخلون عليه بيته والكتب عن يمينه وشماله وأنه كان يضع يده على وجهه إذا قرأ القارىء فيبكي حتى يعجب الناس من بكائه حدث عنه ابن عياد وأبو الحسن بن كوثر وأبو بكر بن بيبش وغيرهم وأنشدنا أبو الحجاج بن إبراهيم المعروف بالغرناطي وكتبها لي بخطه عن أبي بكر محمد بن عتيق بن علي التجيبي الأزدي قال أنشدنا أبي قال أنشدني أبو العباس الأقليشي لنفسه .
( أسير الخطايا عند بابك واقف % له عن طريق الحق قلب مخالف ) .
( قديما عصى عمدا وجهلا وغرة % ولم ينهه قلب من الله خائف ) .
( تزيد سنوه وهو يزداد ضلة % فها هو في ليل الضلالة عاكف ) .
( تطلع صبح الشيب والقلب مظلم % فما طاف فيه من سنا الحق طائف ) .
( ثلاثون عاما قد تولت كأنها % حلوم تقضت أو بروق خواطف ) .
( وجاء المشيب المنذر المرء أنه % إذا رحلت عنه الشبيبة تالف ) .
( فيا أحمد الخوان قد أدبر الصبا % وناداك من سن الكهولة هاتف ) .
( فهل أرق الطرف الزمان الذي مضى % وأبكاه ذنب قد تقدم سالف ) .
( فجد الدموع الحمر حزنا وحسرة % فدمعك ينبى إن قلبك آسف ) .
وقد وافق في أول هذه القطعة قول أبي الوليد بن الفرضي أو أخذه منه نقلا توفي في صدره عن المشرق بمدينة قوص من صعيد مصر في عشر الخمسين وخمسمائة ودفن