[ 167 ] ثم دفع إلى قنبر درهما كان مصرورا في ردائه وقال: اشتر به خير عسل تقدر عليه. قال عقيل: والله لكاني أنظر إلى يدي علي عليه السلام وهي على فم الزق، وقنبر يقلب العسل فيه، ثم شده وجعل يبكي ويقول: اللهم اغفر لحسين فانه لم يعلم ! ! فقال معاوية: ذكرت من لا ينكر فضله، رحم الله أبا حسن، فلقد سبق من كان قبله، وأعجز من ياتي بعده ! هلم حديث الحديدة. قال عقيل: نعم، أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تند صفاته، فجمعت صبياني وجئته بهم، والبؤس والضر ظاهران عليهم. فقال عليه السلام: ائتني عشية لادفع إليك شيئا، فجئته يقودني أحد ولدي فأمره بالتنحي، ثم قال: ألا فدونك فاهويت - حريصا قد غلبني الجشع - اظنها صرة فوضعت يدي على حديدة تلتهب، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره. فقال عليه السلام: ثكلتك امك ! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه - بنار هذه الدنيا - وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ! أتئن من الاذى ولا أئن من لظى ؟ ثم قرأ: (إذ الاغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون) (1). ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك. فجعل معاوية يتعجب من هذه الحكاية ويقول: هيهات هيهات ! ! ! عقمت الامهات أن يلدن مثله (2). ________________________________________ (1، غافر: 71. (2) شرح نهج البلاغة 11: 253 - 254، ربع الابرار 3: 80 باب 52. (*) ________________________________________