[ 203 ] لا. فقال: والله استنكر قرب مجلسك مني إذ لم ير به أحدا غيرك قط، فلذلك قهقر. قال مالك: ثم أمر لي بألف دينار عينا ذهبا، وكسوة عظيمة، وأمر لابني بألف دينار، ثم استأذنته فأذن لي، فقمت فودعني ودعا لي، ثم مشيت منطلقا، فلحقني الخصي بالكسوة فوضعها على منكبي، وكذلك يفعلون بمن كسوه، وإن عظم قدره، فيخرج بالكسوة على الناس فيحملها، ثم يسلمها إلى غلامه، فلما وضع الخصي الكسوة على منكبي انحنيت عنها بمنكبي، كراهة احتمالها، وتبرؤا من ذلك، فناداه أبو جعفر: بلغها رحل أبي عبد الله. ما قال أبو جعفر لعبد العزيز بن أبي رواد (1). قال: وذكروا أن أبا جعفر لما دخل في الطواف بالبيت لقي عبد العزيز بن أبي رواد في الطواف، فقبض على يده، ثم قال له: أتعرفني ؟ قال: لا. إلا أن قبضتك قبضة جبار (2). فقال له: أنا أبو جعفر أمير المؤمنين، فسلني من حوائجك ما شئت أقضها. قال: أسألك برب هذا البيت أن لا ترسل إلي بشئ حتى آتيك طوعا. فقال له أبو جعفر: ذلك لك، فأقبل يمشي بمشيته في طوافه، وكان شيخا كبيرا ضعيفا. فتأنف بقربه، وثقل عليه كلامه. فقال: أسألك بحرمة هذا البيت إلا تنحيت عني، فتنحى عنه أبو جعفر وخلى سبيله. وكان عبد العزيز بن أبي رواد هذا لا يرفع رأسه إلى السماء، تخشعا لله، فأقام كذلك أربعين سنة. قدوم المهدي إلى المدينة قال: وذكروا أن مالك بن أنس لما أخذ في تدوين كتبه، ووضع علمه قدم عليه المهدي بن أبي جعفر، فسأله عما صنع فيما أمره به أبو جعفر، فأتاه بالكتب وهي كتب الموطأ، فأمر المهدي بانتساخها، وقرئت على مالك. فلما أتم قراءتها: أمر له بأربعة آلاف دينار، ولابنه بألف دينار. ________________________________________ (1) هو مولى المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة، ذهب بصره عشرين سنة ولم يعلم به أهله وأولاده. سمع من كبار التابعين ومات سنة 159 (صفة الصفوة 2 / 229). (2) الخبر في صفة الصفوة 2 / 229 باختلاف. وفي العقد الفريد 3 / 165 بين أبي جعفر وسفيان الثوري. أيضا باختلاف وزيادة. (*) ________________________________________