[ 56 ] الجليل يراد به الله سبحانه، لأن العظمة المطلقة والرفعة الكاملة له، والظاهر بمعنى الواضح البين وقد يكون بمعنى الغالب كما في قوله تعالى * (فأصبحوا ظاهرين) * وهو على المعنيين إما صفة للجلال أي جلاله الواضح بشواهد كمال قدرته أو جلاله الغالب على جلال كل جليل لإطلاق عظمته وإما صفة للرب أي الرب الواضح وجوده بأعلامه الدالة على ربوبيته، أو الرب الغالب على الجبابرة في إجراء سطوته. (ونور الرب الباهر) (1) النور الضياء وهو ما ينكشف به الظلمات ويبصر ________________________________________ = في القرآن الكريم كقوله تعالى * (أولم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون) * وقوله * (لله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال) * وقوله * (الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور) * وقال * (لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) * الى غير ذلك ولعلك رأيت أشكال الثلج خصوصا بالمنطار وألوان قوس قزح ومن المعجب زهرا صفر عندنا يسمى بالطاووسي كأنه سورة طاووس نشر ذنبه، ونقل عن فيثاغورث أن الله يفعل الهندسة في كل شئ وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " إن الله جميل يحب الجمال " وقال فيثاغورث أيضا أسمع النغم من حركات السماء موزونة وقال المولوي: شاهدى كز عشق أو عالم گريست * عالمش ميراند از خود جرم چيست زانكه بر خود زيور عاريه بست * كرد دعوى كاين حلل زان من است والفرق بين الملك القاهر والجلال الظاهر أن الإنسان يستشعر بملك ربه عجزه في الوجود الخارجي وبجلال ربه عجزه في فكره وتعقله فإذا تفكر في كبر الخلق العظيم تحير من عظمة الخالق وكبريائه أو في صغر الخلق الصغير تحير من عظمة خالقه أيضا وحكمته مثلا في العالم كواكب يصل نورها إلى أرضنا هذه بعد مأتي مليون سنة من حين انفصاله عنها فما أعظم هذا الفضاء وفيه موجودات صغيرة يجتمع خمسة أو ستة ملائين منها في فضاء نحو ميليمتر مكعب ويوجد في قطرة من دم الإنسان وهي نحو سانتيمتر ستة آلاف ألف ألف حيوان صغير، أعني ضعف أفراد الإنسان على الكرة الارضية وكل واحد من هذه الأحياء الصغار له جلد وبدن وتركيب ومزاج " فسبحان من أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ". (ش) 1 - قوله " ونور الرب الباهر " الباهر صفة النور ونور الرب هدايته لخلقه إلى مصالحها كما قال الشراح من العقول والنفوس وقواها ويهتدي بالنور وقال بعض المؤلفين إن " القول بالعقول لا يطابق أصول الإسلام " وهو غير صحيح وعلى كل حال فنوره هدايته قال الشيخ الصدوق (رحمه الله) إنه تعالى أجرى على نفسه هذا الاسم توسعا ومجازا لأن العقول دالة على أن الله عزوجل لا يجوز أن يكون نورا ولا ضياء ولا من جنس الأنوار والضياء وقال أيضا لو كان النور بمعنى الضياء لما جاز أن توجد الأرض مظلمة في وقت من الأوقات لا بالليل ولا بالنهار لأن الله هو نورها وضياؤها على تأويلهم وهو موجود غير معدوم فوجودنا الارض مظلمة بالليل ووجودنا داخلها أيضا مظلما بالنهار يدل على أن تأويل قوله تعالى * (الله نور السموات) * هو ما قاله الرضا (عليه السلام) انتهى ويجوز عند الصدوق (رحمه الله) اخراج اللفظ عن ظاهره وحمله على المعنى المجازي بدليل العقل وعلى كل حال فإذا فتشنا عن حال الحيوان والنبات وسائر الموجودات وجدناها تفعل أمورا يقصر فكرهم وشعورهم عن الاهتداء لوجهها كالنحل تصنع بيوتا مسدسة ويشكلها بوجه يصرف أقل مادة من الشمع لأكثر ما يمكن أن يسع والنمل والعناكب وغيرها يختار لمصالحها ما يقصر عن إدراكها عقول أعاظم الحكماء بنور = (*) ________________________________________