نهار دليل على أن بنفس الوقوف في وقته يصير مدركا للحج وإن لم يستدم الوقوف إلى وقت غروب الشمس ثم يجب عليه الدم إذا أفاض قبل غروب الشمس لأن نفس الوقوف ركن واستدامته إلى غروب الشمس واجبة لما فيها من إظهار مخالفة المشركين فعله رسول الله وأمر به وترك الواجب يوجب الجبر بالدم فإن رجع ووقف بها بعد ما غابت الشمس لم يسقط الدم إلا في رواية بن شجاع عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى فإنه يقول يسقط عنه الدم قال لأنه استدرك ما فاته وأتى بما عليه لأن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس وقد أتى به فيسقط عنه الدم كمن جاوز الميقات حلالا ثم عاد إلى الميقات وأحرم وفي ظاهر الرواية لا يسقط عنه الدم لأن الواجب على من وصل إلى عرفات بعد الزوال استدامة الوقوف إلى غروب الشمس ولم يتدارك ذلك بالانصراف بعد الشمس فلا يسقط عنه الدم وإن عاد قبل غروب الشمس حتى أفاض مع الإمام فذكر الكرخي في مختصره أن الدم يسقط عنه لأن الواجب عليه الإفاضة مع الإمام بعد غروب الشمس وقد تدارك ذلك في وقته ومن أصحابنا من يقول لا يسقط الدم هنا أيضا لأن استدامة الوقوف قد انقطعت بذهابه فبرجوعه لا يصير وقوفه مستداما بل ما فات منه لا يمكنه تداركه فلا يسقط عنه الدم .
( قال ) ( وإذا أغمي على المحرم فوقف به أصحابه بعرفات أجزأه ذلك ) لأنه تأدى الوقوف بحصوله في الموقف في وقت الوقوف ألا ترى أنه لو مر بعرفات مار وهو لا يعلم بها في وقت الوقوف أجزأه ولا يبعد أن يتأدى ركن العبادة من المغمى عليه كما يتأدى ركن الصوم وهو الإمساك بعد النية من المغمى عليه .
( قال ) ( ووقوف الجنب والحائض ومن صلى صلاتين ومن لم يصل جائز ) لأن الوقوف غير مختص بالبيت فلا تكون الطهارة شرطا فيه وفرضية الصلاة عليه غير متصل بالوقوف فتركها لا يؤثر في الوقوف كما لا يؤثر في الصوم .
( قال ) ( وإن وقف القارن بعرفة قبل أن يطوف للعمرة فهو رافض لها إن نوى الرفض وإن لم ينو ) لأن المعنى المعتبر تعذر أداء العمرة بعد الوقوف وهذا متحقق نوى الرفض أو لم ينو ولم يذكر في الكتاب ما إذا اشتبه يوم عرفة على الناس بأن لم يروا هلال ذي الحجة وهو مروي عن محمد رحمه الله تعالى قال إذا نحروا ووقفوا بعرفة في يوم فإن تبين أنهم وقفوا في يوم التروية لا يجزيهم وإن تبين أنهم وقفوا يوم النحر أجزأهم استحسانا وفي القياس لا يجزيهم لأن الوقوف مؤقت بوقت مخصوص فلا يجوز بعد ذلك الوقت كصلاة الجمعة