بمنزلة الجمعة .
( قال ) ( ولا جمعة بعرفة ) يعني إذا كان الناس يوم الجمعة بعرفات لا يصلون الجمعة بها لأن المصر من شرائط الجمعة وعرفات ليس في حكم المصر إذ ليس لها أبنية إنما هي فضاء وليست من فناء مكة لأنها من الحل بخلاف منى عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأبي يوسف لأنها من فناء مكة ولأنها بمنزلة المصر في هذه الأيام لما فيها من الأبنية والأسواق المركبة وقد بينا هذا في الصلاة .
( قال ) ( ومن وقف بعرفة قبل الزوال لم يجزه ومن وقف بعد زوال الشمس أو ليلة النحر قبل انشقاق الفجر أو مر بها مجتازا وهو يعرفها أو لا يعرفها أجزأه ) فالحاصل أن ابتداء وقت الوقوف بعد الزوال عندنا وقال مالك رحمه الله تعالى من طلوع الشمس لأن هذا اليوم مسمى بأنه يوم عرفة فإنما يصير اليوم مطلقا من وقت طلوع الفجر فتبين أن وقت الوقوف من ذلك الوقت واستدل بقوله الحج عرفة فمن وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه والنهار اسم للوقت من طلوع الشمس سمي نهارا لجريان الشمس فيه كالنهر يسمى نهرا لجريان الماء فيه وحجتنا في ذلك أن النبي إنما وقف بعد الزوال فكان مبينا وقت الوقوف بفعله فدل أن ابتداء الوقوف بعد الزوال والدليل عليه ما روينا من حديث بن عمر رضي الله عنه أنه قال للحجاج بعد الزوال إن أردت السنة فالساعة ولا يبعد أن يسمى اليوم بهذا الاسم وإن كان وقت الوقوف بعد الزوال كيوم الجمعة صار وقتا لأداء الجمعة بعد الزوال مع أن اليوم مسمى بهذا الاسم .
ثم الأصل فيما قلنا حديث عروة بن مضرس بن أوس الطائي رحمه الله تعالى أنه جاء إلى النبي صبيحة الجمع وهو بالمشعر الحرام .
فقال أكللت راحلتي وأجهدت نفسي وما مررت بجبل من الجبال إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال من وقف معنا هذا الموقف وصلى معنا هذه الصلاة وقد كان أفاض قبل ذلك من عرفات ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه .
( قال ) ( ومن وقف بعرفة بعد الزوال ثم أفاض من ساعته أو أفاض قبل غروب الشمس أو صلى بها الصلاتين ولم يقف وأفاض أجزأه عندنا ) وعلى قول مالك رحمه الله تعالى لا يجزئه إلا أن يقف في اليوم وجزء من الليل وذلك بأن تكون إفاضته بعد غروب الشمس واستدل بقوله من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج ولكنا نقول هذه الزيادة غير مشهورة وإنما المشهور ما رواه في الكتاب ومن فاته عرفة فقد فاته الحج وفيما روينا وهو قوله ساعة من ليل أو