أقول الفقه يقتضي أنه إذا ثبت إقراره بالبينة لا يصدق إلا ببينة أما إذا قال ابتداء أقررت له بكذا مستثنيا في إقراري يقبل قوله بلا بينة كأنه قال له عندي كذا إن شاء الله تعالى بخلاف الأول لأنه يريد إبطاله بعد تقرره .
تأمل ا ه .
قوله ( وصح استثناء البيت من الدار ) لأنه جزء من أجزائها فيصح استثناء الجزء من الكل كالثلث أو الربع .
بدائع .
ولو قال هذه النخل بأصولها لفلان والثمر لي كان الكل للمقر له ولا يصدق المقر إلا بحجة كما في الخانية .
قوله ( منهما ) أي من الدار والبيت .
قوله ( لدخوله تبعا ) أي لدخول البناء معنى وتبعا لا لفظا والاستثناء تصرف في الملفوظ وذلك لأن الدار اسم لما أدير عليه البناء من البقعة وبحث منلا خسروا بأنه لا ينكر أن البناء جزء من الدار لا يرد المنصوص ولهذا لو استحق البناء في البيع قبل القبض لا يسقط شيء من الثمن بمقابلته بل يتخير المشتري .
بخلاف البيت تسقط حصته من الثمن أو حاصله .
قوله ( واستثناء الوصف لا يجوز ) كقوله له هذا العبد إلا سواده .
قوله ( وإن قال بناؤها لي وعرصتها لك فكما قال ) وكذا لو قال بياض هذه الأرض لفلان وبناؤها لي .
قوله ( هي البقعة ) فقصر الحكم عليها يمنع دخول الوصف تبعا .
قوله ( حتى لو قال وأرضها لك كان له البناء أيضا ) .
أقول هذا مخالف للعرف الآن فإن العرف أن الأرض بمعنى العرصة وعليه فينبغي أن لا يكون البناء تابعا للأرض تأمل .
قوله ( إلا إذا قال بناؤها لزيد والأرض لعمرو فكما قال ) لأنه لما أقر بالبناء لزيد صار ملكه فلا يخرج عن ملكه بإقراره لعمرو بالأرض إذ لا يصدق قوله في حق غيره بخلاف المسألة الأولى لأن البناء مملوك له فإذا أقر بالأرض لغيره يتبعها البناء لأن إقراره مقبول في حق نفسه .
وحاصله في الدار والأرض اسم لما وضع عليه البناء لا اسم للأرض والبناء لكن البناء يدخل تبعا في بيعه والإقرار به والعرصة اسم للأرض خالية عن البناء فلا يدخل فيها البناء لا أصلا ولا تبعا .
والأصل أن الدعوى لنفسه لا تمنع الإقرار لغيره والإقرار لغيره يمنع الإقرار لشخص آخر إذا علم هذا فإذا أقر بالدار لشخص فقد أقر بالأرض التي أدير عليها البناء ولفظ الدار لا يشمل البناء لكنه يدخل تبعا فكان بمنزلة الوصف .
والاستثناء أمر لفظي لا يعمل إلا فيما يتناوله اللفظ فلا يصح استثناؤه للبناء لأنه لم يتناوله لفظ الدار بل إنما دخل تبعا وهذا معنى .
قوله واستثناء الوصف لا يجوز بخلاف البيت فإنه اسم لجزء من الدار مشتمل على أرض وبناء فصح استثناؤه باعتبار ما فيه من الأصل وهو الأرض فكان متناوله لفظ الدار والاستثناء إخراج لما تناوله لفظ المستثنى منه ولا يضر كون البناء جزءا من مسمى البيت مع أنه وصف من الدار لأنه لم يستثن الوصف منفردا بل قائما بالأصل الذي هو الأرض .
وتخريج جنس هذه المسائل على أصلين أحدهما أن الدعوى قبل الإقرار لا تمنع صحة الإقرار والدعوى بعد الإقرار لبعض ما دخل تحت الإقرار لا تصح .
والثاني أن إقرار الإنسان على نفسه جائز وعلى غيره لا يجوز .
إذا عرفنا هذا فنقول إذا قال بناء هذه الدار لي وأرضها لفلان كان البناء والأرض للمقر له لأنه لما قال بناء هذه الدار لي فقد ادعى لنفسه فلما قال وأرضها لفلان فقد جعل مقرا بالبناء للمقر له تبعا للإقرار