بالوجود والزمان أو الذات ثم ننظر بعد ذلك فإن كان بينهما مدة وجاز تأخر أحدهما عن الآخر قيل تقدم بالوجود والزمان وان لم يكن بينهما مدة ولا يجوز تأخر أحدهما عن الآخر قيل إنه متقدم بالعلة فقط وهما معا بالوجود وذلك كما في حركة الخاتم مع حركة اليد ونحوها وعند ذلك فلا يلزم من كون العالم مفتقرا في وجوده إلى غيره أن يكون الغير متقدما بالوجود ولا أولوية لإحدى الدعويين على الأخرى .
وعند ذلك فلا يلزم التناقض من القول بوجوب تقدم البارى تعالى على العالم بالعلية ومن كونه معه في الوجود إذ هما من مرتبتين مختلفتين وإنما يلزم التناقض أن لو قيل إنه سابق عليه بالوجود ومعه بالوجود وليس كذلك بل المعية عند الخصم بين العالم والبارى تعالى إنما هى في رتبة الوجود دون غيره والتقدم إنما هو في رتبة العلية دونه غيرها .
وما قيل من أن الخلق مستحق العدم باعتبار ذاته فغلط من قائله إذ لو استحق العدم لذاته لكان ممتنعا ولما تصور وجوده ولا بغيره ولخرج عن كونه ممكنا بل كما أن الوجود ليس له لذاته كذلك العدم ولا يكون أحدهما سابقا لكن قد يكون ما هو علة ومرجح للوجود بوجوده هو علة ومرجح للعدم بعدمه فإن تحقق وجوده لزم الوجود وان تحقق عدمه لزم العدم لا محالة .
ومما اعتمد عليه أيضا في هذا الباب الجهابذة من المتكلمين وفضلاء المقتدمين المسلك المشهور والطريق المذكور وهو أنهم حصروا العالم في الجواهر والأعراض ثم قصدوا