وهذا جملة ما أورده متفرقا في غضون كلامه لكنا كسوناه ترتيبا وزدناه إلى الفهم تقريبا وهو عند التحقيق سراب غير حقيق .
وذلك أن ما ذكره من القسم السادس الزائد على أقسام التقدم والتأخر ومعا وان كان الحق على مذهب أهل الحق لكنه مما لا نفع فيه بمجرد المقال ومحض الاسترسال إذ ربما يقول الخصم إن ذلك ليس بزائد على الأقسام المذكروة والمراتب المحصورة بل هو داخل فيها وذلك أن ما فرض متقدما بوجوده إما أن يكون بينه وبين المتأخر عنه مدة يمكن وجود ثالث بينهما فهو المتقدم بالزمان وان لم تكن بينهما مثل هذه المدة فإما أن يفتقر إليه المتأخر في وجوده أم لا يفتقر فإن لم يفتقر فالتقدم والتأخر بينهما اما بنسبة الى امر يرجع اليهما او بالنسبة الى امر خارج عنهما فإن كان الأول فهو التقدم بالفضيلة والشرف وان كان الثانى فهو التقدم بالرتبة والمكان وان كان المتأخر مفتقرا إليه في وجوده فإما أن يصح أن يفرض بينهما مدة أو لا يصح فإن كان الأول فالمتقدم متقدم بالطبع وان كان الثانى فهو المتقدم بالعلية .
وما فرض متقدما بالوجود وبينه وبين المتأخر عنه مدة كالمدة المفروضة وإن افتقر الخصم إلى بيان كونه متقدما بالزمان لضرورة الحصر في الخمسة الأقسام فلا بد من بيان نفيه أيضا عند من زاد قسما سادسا وهو التقدم بالوجود لضرورة صحته وإلا فكل واحد من الفريقين يتحكم بالدعوى .
ثم ولو قدر تسليم الخصم بجواز وقوع هذا القسم السادس مع تسليم افتقار العالم إلى مرجح لوجوده على عدمه فليس يلزم من ذلك تسليم وجوب التقدم في الوجود وإن سلم أنه لا بد من وجوب التقدم بأحد الأنحاء المذكورة بل له أن يقول إذا فرض شيئان أحدهما مستفاد من الآخر فالواجب أن يفرض وجوب التقدم لأحدهما على الآخر من غير تخصيص