@ 174 @ أصحابنا : والصحيح المنع مطلقاً وتقرير هذا في المبسوطات من كتب النحو . ويحتمل أن يكون قوله : { سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ } مبتدأ وخبراً على التقديرين اللذين ذكرناهما إذا كانت جملة اعتراض ، وتكون في موضع خبر إن ، والتقديران المذكوران عن أبي علي الفارسي وغيره . وإذا جعلنا سواء المبتدأ والجملة الخبر ، فلا يحتاج إلى رابط لأنها المبتدأ في المعنى والتأويل ، وأكثر ما جاء سواء بعده الجملة المصدرة بالهمزة المعادلة بأم { سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا } ، { سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ } ، وقد تحذف تلك الجملة للدلالة عليها ، { اصْبِرُواْ * أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَاء عَلَيْكُمْ } أي أصبرتم أم لم تصبروا ، وتأتي بعده الجملة الفعلية المتسلطة على اسم الاستفهام ، نحو : سواء على أي الرجال ضربت ، قال زهير : % ( سواء عليه أي حين أتيته % .
أساعة نحس تتقي أم بأسعد .
) % .
وقد جاء بعده ما عري عن الاستفهام ، وهو الأصل ، قال : .
سواء صحيحات العيون وعورها .
وأخبر عن الجملة بأن جعلت فاعلاً بسواء أو مبتدأة ، وإن لم تكن مصدره بحرف مصدري حملاً على المعنى وكلام العرب منه ما طابق فيه اللفظ المعنى ، نحو : قام زيد ، وزيد قائم ، وهو أكثر كلام العرب ، ومنه ما غلب فيه حكم اللفظ على المعنى ، نحو : علمت أقام زيد أم قعد ، لا يجوز تقديم الجملة على علمت ، وإن كان ليس ما بعد علمت استفهاماً ، بل الهمزة فيه للتسوية . ومنه ما غلب فيه المعنى على اللفظ ، وذلك نحو الإضافة للجملة الفعلية نحو : .
على حين عاتبت المشيب على الصبا .
أذ قياس الفعل أن لا يضاف إليه ، لكن لوحظ المعنى ، وهو المصدر ، فصحت الإضافة . .
قال ابن عطية : أأنذرتهم أم لم تنذرهم لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الخبر ، وإنما جرى عليه لفظ الاستفهام لأن فيه التسوية التي هي في الاستفهام ، ألا ترى أنك إذا قلت مخبراً سواء على أقمت أم قعدت أم ذهبت ؟ وإذا قلت مستفهماً أخرج زيد أم قام ؟ فقد استوى الأمران عندك ، هذان في الخبر ، وهذان في الاستفهام ، وعدم علم أحدهما بعينه ، فلما عممتهما التسوية جرى على الخبر لفظ الاستفهام لمشاركته إياه في الإبهام ، وكل استفهام تسوية ، وإن لم يكن كل تسوية استفهاماً ، انتهى كلامه . وهو حسن ، إلا أن في أوله مناقشة ، وهو قوله : { أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ } لفظه لفظ الاستفهام ، ومعناه الخبر ، وليس