@ 497 @ % ( وحديثها السحر الحلال لو أنه % .
لم يجن قتل المسلم المنحرز .
) % .
وظاهر قوله : { يُعَلّمُونَ النَّاسَ السّحْرَ } : أنهم يفهمونهم إياه بالإقراء والتعليم . وقيل : المعنى يدلونهم على تلك الكتب ، فأطلق على الدلالة تعليماً ، تسمية للمسبب بالسبب . وقيل : المعنى يوقرون في قلوبهم أنها حق ، تضر وتنفع ، وأن سليمان إنما تم له ما تم بذلك ، وهذا أيضاً تسمية للمسبب بالسبب . وقيل : يعلمون معناه يعلمون ، أي يعلمونهم بما يتعلمون به السحر ، أو بمن يتعلمون منه ولم يعلموهم ، فهو من باب الإعلام لا من باب التعليم . وأما حكم السحر ، فما كان منه يعظم به غير الله من الكواكب والشياطين ، وإضافة ما يحدثه الله إليها ، فهو كفر إجماعاً ، لا يحل تعلمه ولا العمل به . وكذا ما قصد بتعلمه سفك الدماء ، والتفريق بين الزوجين والأصدقاء . وأما إذا كان لا يعلم منه شيء من ذلك ، بل يحتمل ، فالظاهر أنه لا يحل تعلمه ولا العمل به . وما كان من نوع التحيل والتخييل والدّك والشعبذة ، فإن قصد بتعليمه العمل به والتمويه على الناس ، فلا ينبغي تعلمه ، لأنه من باب الباطل . وإن قصد بذلك معرفته لئلا تتم عليه مخايل السحرة وخدعهم ، فلا بأس بتعلمه ، أو اللهو واللعب ، وتفريج الناس على خفة صنعته فيكره . روي : لست من دد ولا دد مني . وأما سحر البيان ، فما أريد به تأليف القلوب على الخير ، فهو السحر الحلال ، أو ستر الحق ، فلا يجوز تعلمه ولا العمل به . وأما حكم الساحر حدًّا وتوبة ، فقد تعرض المفسرون لذلك ، ولم تتعرض إليه الآية ، وهي مسألة موضوعها علم الفقه ، فتذكر فيه . .
{ وَمَا أَنَزلَ } : ظاهره أن ما موصول اسمي منصوب ، وأنه معطوف على قوله : السخر ، وظاهر العطف التغاير ، فلا يكون ما أنزل على الملكين سحراً . وقيل : هو معطوف على ما تتلو الشياطين ، أي { وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ * الشَّياطِينِ } ، و { الَّذِى أَنزَلَ } ، وظاهره أن ما علموه الناس ، أو ما اتبعوه هو منزل . واختلف في هذا المنزل الذي علم ، أو الذي اتبع فقيل : علم السحر أنزل على الملكين ابتلاء من الله للناس ، من تعلمه منهم وعمل به كان كافراً ، ومن تجنبه أو تعلمه لا يعمل به ولكن ليتوقاه ولئلا يغتر به كان مؤمناً ، كما ابتلى قوم طالوت بالنهر ، وهذا اختيار الزمخشري . وقال مجاهد وغيره : المنزل هو الشيء الذي يفرق به بين المرء وزوجه ، وهو دون السحر . وقيل : السحر ليعلم على جهة التحذير منه ، والنهي عنه ، والتعليم على هذا القول إنما هو تعريف يسير بمبادئه . وقيل : ما في موضع جر عطفاً على ملك سليمان ، والمعنى : افتراء على ملك سليمان ، وافتراء على ما أنزل على الملكين ، وهو اختيار أبي مسلم ، وأنكر أن يكون الملكان نازلاً عليهما السحر ، قال : لأنه كفر ، والملائكة معصومون ، ولأنه لا يليق بالله إنزاله ، ولا يضاف إليه ، لأن الله يبطله ، وإنما المنزل على الملكين الشرع ، وإنهما كانا يعلمان الناس ذلك . وقيل : ما حرف نفي ، والجملة معطوفة على { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } ، وذلك أن اليهود قالوا : إن الله أنزل جبريل وميكال بالسحر ، فنفى الله ذلك . .
{ عَلَى الْمَلَكَيْنِ } : قراءة الجمهور بفتح اللام ، وظاهره أنهما ملكان من الملائكة ، وقد تقدّم الكلام على الملك في قوله تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ } ، فقيل : هما جبريل وميكال ، كما ذكرناه في هذا القول الأخير . وقيل : ملكان غيرهما وهما : هاروت وماروت . وقيل : ملكان غيرهما ، وسيأتي إعراب هاروت وماروت على تقدير هذه الأقوال ، إن شاء الله . وقرأ ابن عباس والحسن وأبو الأسود الدؤلي والضحاك وابن ابزي : الملكين ، بكسر اللام ، فقال ابن عباس : هما رجلان ساحران كانا ببابل ، لأن الملائكة لا تعلم الناس السحر . وقال الحسن : هما علجان ببابل العراق . وقال أبو الأسود : هما هاروت وماروت ، وهذا موافق لقول الحسن . وقال ابن أبزي : هما داود وسليمان ، على نبينا وعليهما الصلاة والسلام . وقيل : هما شيطانان . فعلى قول ابن أبزي تكون ما نافية ، وعلى سائر الأقوال ، في هذه القراءة ، تكون ما موصولة . ومعنى الإنزال : القذف في قلوبهما . .
وقد ذكر المفسرون ، في قراءة من قرأ : الملكين بفتح اللام ،