لمن عرف رشده وأبصر حظه فانظروا لأنفسكم وأقبلوا على حظوظكم وليكن أهل الطاعة يدا على أهل الجهل من سفهائكم واستديموا النعمة التي ابتدأتكم برغيد عيشها ونفيس زينتها فإنكم من ذلك بين فضيلتين عاجل الخفض والدعة وآجل الجزاء والمثوبة عصمكم الله من الشيطان وفتنته ونزغه وأمدكم بحسن معونته وحفظه انهضوا رحمكم الله إلى قبض أعطياتكم غير مقطوعة عنكم ولا مكدرة عليكم .
169 - خطبته لما دخل الكوفة بعد قتل مصعب بن الزبير .
لما قتل عبد الملك مصعب بن الزبير سنة 71ه دخل الكوفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ثم قال أيها الناس إن الحرب صعبة مرة وإن السلم أمن ومسرة وقد زبنتنا الحرب وزبناها فعرفناها وألفناها فنحن بنوها وهي أمنا أيها الناس فاستقيموا على سبل الهدى ودعوا الأهواء المردية وتجنبوا فراق جماعات المسلمين ولا تكلفونا أعمال المهاجرين الأولين وأنتم لا تعملون أعمالهم ولا أظنكم تزدادون بعد الموعظة إلا شرا ولن نزداد بعد الإعذار إليكم والحجة عليكم إلا عقوبة فمن شاء منكم أن يعود بعد لمثلها فليعد فإنما مثلي ومثلكم كما قال قيس بن رفاعة الأنصاري .
( من يصل نارى يبلا ذنب ولا ترة ... يصل بنار كريم غير غدار ) .
( أنا النذير لكم مني مجاهرة ... كي لا ألام على نهي وإنذار )