62 - خطبة أخرى .
وأقبل أهل الشأم في عساكرهم حتى كانوا منها على مسيرة يوم وليلة قال عبد الله ابن غزية فقام فينا سليمان فحمد الله فأطال وأثنى عليه فأطنب ثم ذكر السماء والأرض والجبال والبحار وما فيهن من الآيات وذكر آلاء الله ونعمه وذكر الدنيا فزهد فيها وذكر الآخرة فرغب فيها فذكر من هذا ما لم أحصه ولم أقدر على حفظه ثم قال أما بعد فقد أتاكم الله بعدوكم الذي دأبتم في المسير إليه آناء الليل والنهار تريدون فيما تظهرون التوبة النصوح ولقاء الله معذرين فقد جاءوكم بل جئتموهم أنتم في دارهم وحيزهم فإذا لقيتموهم فاصدقوهم واصبروا إن الله مع الصابرين ولا يوليهم امرؤ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة لا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم إلا أن يقاتلكم بعد أن تأسروه أو يكون من قتلة إخواننا بالطف رحمة الله عليهم فإن هذه كانت سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في أهل هذه الدعوة .
ودارت رحى الحرب بينهم وبين جيوش عبيد الله بن زياد واستشهد في المعركة سليمان بن صرد بعد أن قتل من القوم مقتلة عظيمة وقتل أيضا من رءوس أصحابه المسيب بن نجبة وعبد الله بن سعد بن نفيل وعبد الله بن وال فلما رأى من بقي