والله إنه لكفيء الحسب رفيع البيت غير أن بناتي لم يقعن إلا في هذا الحي من قريش فوجمت لذلك وعرف التغير في وجهي فقال أما إني صانع بك ما لم أصنعه بغيرك .
قلت وما ذاك فمثلي من شكر قال أخيرها فهي وما اختارت .
قلت ما أنصفتني إذ تختار لغيري وتولي الخيار غيرك .
فأشار إلي العذري أن دعه يخيرها .
فأرسل إليها إن من الأمر كذا وكذا .
فأرسلت إليه ما كنت لأستبد برأي دون القرشي فالخيار في قوله حكمه .
فقال لي إنها قد ولتك أمرها فاقض ما أنت قاض .
فحمدت الله D وأثنيت عليه وقلت اشهدوا أني قد زوجتها من الجعد بن مهجع وأصدقتها هذا الألف الدينار وجعلت تكرمتها العبد والبعير والقبة وكسوت الشيخ المطرف وسألته أن يبني بها عليه في ليلته .
فأرسل إلى أمها فقالت أتخرج ابنتي كما تخرج الأمة فقال الشيخ هجري في جهازها فما برحت حتى ضربت القبة في وسط الحريم ثم أهديت إليه ليلا وبت أنا عند الشيخ .
فلما أصبحت أتيت القبة فصحت بصاحبي فخرج إلي وقد أثر السرور فيه فقلت كيف كنت بعدي وكيف هي بعدك فقال لي أبدت لي والله كثيرا مما كانت أخفته عني يوم لقيتها .
فسألتها عن ذلك فأنشأت تقول .
( كتمتُ الهوى لما رأيتك جازعاً ... وقلتُ فتىً بعضَ الصديق يريد ) .
( وأنْ تَطْرَحَنّي أو تقولَ فُتَيَّةٌ ... يَضُرّ بها بَرْحُ الهوى فتعود ) .
( فورّيتُ عمّا بي وفي داخل الحَشَى ... من الوجد بَرْحٌ فاعْلَمَنّ شديدُ ) .
فقلت أقم على أهلك بارك الله لك فيهم وانطلقت وأنا أقول .
( كفيتُ أخي العذريَّ ما كان نابَه ... وإني لأعباء النوائب حَمّال ) .
( أمَا استُحْسِنتْ منِّي المَكَارِمُ والعُلاَ ... إذا طُرِحتْ إنِّي لمالي بَذّال )