منهم مالك بن إبراهيم بن الأشتر النخعي ثم أرسلوا بالأثقال والأموال والنساء والذرية فوردت على مسلمة بن عبد الملك ومعهم رأس المفضل ورأس عبد الملك بن المهلب فبعث مسلمة بالرؤس وتسعة من الصبيان الحسان إلى أخيه يزيد فأمر بضرب أعناق أولئك ونصبت رؤسهم بدمشق ثم أرسلها إلى حلب فنصبت بها وحلف مسلمة بن عبد الملك ليبيعن ذراري آل المهلب فاشتراهم بعض الأمراء إبرارا لقسمه بمائة ألف فأعتقهم وخلى سبيلهم ولم يأخذ مسلمة من ذلك الأمير شيئا وقد رثا الشعراء يزيد بن المهلب بقصائد ذكرها ابن جرير .
ولاية مسلمة على بلاد العراق وخراسان .
وذلك أنه لما فرغ من حرب آل المهلب كتب إليه أخوه يزيد بن عبد الملك بولاية الكوفة والبصرة وخراسان في هذه السنة فاستناب على الكوفة وعلى البصرة وبعث إلى خراسان ختنه زوج ابنته سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص الملقب بخذينة فسار إليها فحرض أهلها على الصبر والشجاعة وعاقب عمالا ممن كان ينوب لآل المهلب وأخذ منهم أموالا جزيلة ومات بعهضهم تحت العقوبة .
ذكر وقعة جرت بين الترك والمسلمين .
وذلك أن خاقان الملك الأعظم ملك الترك بعث جيشا إلى الصغد لقتال المسلمين عليهم رجل منهم يقال له كورصول فأقبل حتى نزل على قصر الباهلي فحصره وفيه خلق من المسلمين فصالحهم نائب سمرقند وهو عثمان بن عبد الله بن مطرف على أربعين ألفا ودفع إليهم سبعة عشر دهقانا رهائن عندهم ثم ندب عثمان الناس فانتدب رجل يقال له المسيب بن بشر الرياحي في أربعة آلاف فساروا نحو الترك فلما كان في بعض الطريق [ خطبهم ] فحثهم على القتال وأخبرهم أنه ذاهب إلى الأعداء لطلب الشهادة فرجع عنه أكثر من ألف ثم لم يزل في كل منزل يخطبهم ويرجع عنه بعضهم حتى بقى في سبعمائة مقاتل فسار بهم حتى غالق جيش الأتراك وهم محاصرو ذلك القصر وقد عزم المسلمون الذين هم فيه على قتل نسائهم وذبح أولادهم أمامهم ثم ينزلون فيقاتلون حتى يقتلوا عن آخرهم فبعث إليهم المسيب يثبتهم يومهم ذلك فثبتوا ومكث المسيب حتى إذا كان وقت السحر فكبر وكبر أصحابه وقد جعلوا شعارهم يا محمد ثم حملوا على الترك حملة صادقة فقتلوا منهم خلقا كثيرا وعقروا دواب كثيرة ونهض إليهم الترك فقاتلوهم قتالا شديدا حتى فر أكثر المسلمين وضربت دابة المسيب في عجزها فترجل وترجل معه الشجعان فقاتلوا وهم كذلك قتالا عظيما والتف الجماعة بالمسيب وصبروا حتى فتح الله عليهم وفر المشركون بين أيديهم هاربين لا يلوون على شيء وقد كان الأتراك في غاية الكثرة فنادى منادي المسيب