ذلك من النفوس العديدة وجعل الحسن يخطب الناس ويعظهم في ذلك ويأمرهم بالكف فبلغ ذلك نائب البصرة عبد الملك بن المهلب فقام في الناس خطيبا فأمرهم بالجد والجهاد والنفر إلى القتال ثم قال ولقد بلغني أن هذا الشيخ الضال المرائي ولم يسمه يثبط الناس أما والله ليكفن عن ذلك أو لأفعلن ولأفعلن وتوعد الحسن فلما بلغ الحسن قوله قال أما والله ما أكره أن يكرمني الله بهوانه فسلمه الله منه حتى زالت دولتهم وذلك أن الجيوش لما تواجهت تبارز الناس قليلا ولم ينشب الحرب شديدا حتى فر أهل العراق سريعا وبلغهم أن الجسر الذي جاؤا عليه حرق فانهزموا فقال يزيد بن المهلب ما بال الناس ولم يكن من الأمر ما يفر من مثله فقيل له إنه بلغهم أن الجسر الذي جاؤا عليه قد حرق فقال قبحهم الله ثم رام أن يرد المنهزمين فلم يمكنه فثبت في عصابة من أصحابه وجعل بعضهم يتسللون منه حتى بقى في شرذمة قليلة وهو مع ذلك يسير قدما لا يمر بخيل إلا هزمهم وأهل الشام يتجاورون عنه يمينا وشمالا وقد قتل أخوه حبيب بن المهلب فازداد حنقا وغيظا وهو على فرس له أشهب ثم قصد نحو مسلمة بن عبد الملك لا يريد غيره فلما واجه حملت عليه خيول الشام فقتلوه وقتلوا معه أخاه محمد بن المهلب وقتلوا السميذع وكان من الشجعان وكان الذي قتل يزيد بن المهلب رجل يقال له القجل بن عياش فقتل إلى جانب يزيد ابن المهلب وجاوا برأس يزيد إلى مسلمة بن عبد الملك فأرسله مع خالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى أخيه أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك واستحوذ مسلمة على ما في معسكر يزيد بن المهلب وأسر منهم نحوا من ثلاثمائة فبعث بهم إلى الكوفة وبعث إلى أخيه فيهم فجاء كتابه بقتلهم فسار مسلمة فنزل الحيرة .
ولما انتهت هزيمة ابن المهلب إلى ابنه معاوية وهو بواسط عمد إلى نحو من ثلاثين أسيرا في يده فقتلهم منهم نائب أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز عدي بن أرطاة C وابنه ومالك وعبد الملك ابنا مسمع وجماعة من الأشراف ثم أقبل حتى أتى البصرة ومعه الخزائن من الأموال وجاء معه عمه المفضل بن المهلب إليه فاجتمع آل المهلب بالبصرة فأعدوا السفن وتجهزوا أتم الجهاز واستعدوا للهرب فساروا بعيالهم واثقالهم حتى أتوا جبال كرمان فنزلوها واجتمع عليهم جماعة ممن فل من الجيش الذي كان مع يزيد بن المهلب وقد أمروا عليهم المفضل بن المهلب فأرسل مسلمة جيشا عليهم هلال بن ماجور المحاربي في طلب آل المهلب ويقال إنهم أمروا عليهم رجلا يقال له مدرك بن ضب الكلبي فلحقهم بجبال كرمان فاقتتلوا هنالك قتالا شديدا فقتل جماعة من أصحاب المفضل وأسر جماعة من أشرافهم وأنهزم بقيتهم ثم حلقوا المفضل فقتلوه وحمل رأسه إلى مسلمة بن عبد الملك وأقبل جماعة من أصحاب يزيد بن المهلب فأخذوا لهم أمانا من أمير الشام