@ 81 @ لما أوعد على كفرهم بعد نزول المائدة ؛ خافوا أن يكفر بعضهم ؛ فاستعفوا عن إنزال المائدة ؛ فعلى هذا تقدير قوله : ( ^ إني منزلها عليكم ) يعني : إن سألتم ، إلا أنهم استعفوا فلم ينزل ، والصحيح - والذي عليه الأكثرون - أنها منزلة ؛ لأن الله تعالى لا يعد شيئا ثم يخلف ، وقد قال : ( ^ إني منزلها عليكم ) . .
والقصة في ذلك : أن عيسى لما سأل المائدة ؛ نزلت من السماء سفرة حمراء بين غمامتين كانوا يرونها ، بسطت بين أيديهم ، وكانت مغطاة ، فقام عيسى إليها ، ورفع عنها الغطاء ، فإذا عليها سبعة أرغفة ، وسبعة أحوات ، وفي رواية : كان عليها خمسة أرغفة ، وسمكة مشوية ليس فيها فلوس ولا شوك كما يكون في سمك الأرض ، وكان حولها من كل بقل إلا الكرات ، وكان عند رأسها الملح وعند ذنبها الخل ، وكان عليها خمس رمانات وتميرات ، وقيل : كانت الأرغفة من خبز الأرز ، وقال عطية : كانت عليها سمكة لها طعم جميع الأرض ، وقيل : كان عليها ثمر من ثمار الجنة . وفي بعض الروايات أن عيسى سئل : أهذا من طعام الجنة ؟ فقال : لا من طعام الجنة ، ولا من طعام الأرض ، إنما هو طعام خلقه الله - تعالى - لكم . وفي القصة : أن هذا المائدة لما نزلت ؛ دعا عيسى لها الفقراء ، والزمني ، والمساكين ، حتى يأكلوا ، وكانت تنزل عليهم أربعين يوما ، يأكل منها كل يوم أربعة آلاف ، أو خمسة آلاف نفر ، فكانوا يأكلون ، ولا ينقص منها شيء ، ثم تصعد ، ثم تنزل ، هكذا كل يوم حتى خانوا فيها ، فمسخوا قردة وخنازير ، ورفعت المائدة . ثم اختلفوا في تلك الخيانة ، فروى عمار بن ياسر عن النبي أنه قال : ' أنزلت عليهم المائدة ، وعليها الخبز واللحم ، وأمروا أن لا يدخروا منها للغد ، فادخروا وخانوا ؛ فأصبحوا قردة وخنازير ' وفي رواية : ' أصبحوا خنازير ' . وقيل : كانت خيانتهم أن اليهود قالوا لهم : إن عيسى سحركم بالمائدة ، ولم يكن ثم مائدة ؛ فشكوا فيه ؛ فمسخوا خنازير ، وقيل : كانت خيانتهم أن في الابتداء كان يأكل منها الأغنياء والفقراء ؛ فأمرهم الله - تعالى - أن يدعو لها الفقراء دون