- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : [ [ لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ] ] . وفي رواية لمسلم : [ [ لو يعلمون ما في الصف الأول لكانت قرعة ] ] . وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم مرفوعا : [ [ خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ] ] . وروى ابن ماجه وغيره مرفوعا عن العرباض بن سارية : أن رسول الله A كان يستغفر للصف المقدم ثلاثا وللثاني مرتين وقد تقدم الحديث آنفا . ولفظ ابن حبان كان يصلي على الصف المقدم ثلاثا وعلى الثاني واحدة . وفي رواية للنسائي وابن حبان كان يصلي على الصف الأول مرتين . والله سبحانه وتعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) إذا صفت سرائرنا من جميع ما يسخط الله D بحيث لم يبق في سرائرنا وظواهرنا إلا ما يرضي ربنا أن نواظب على الصلاة في الصف الأول عملا بقوله A : [ [ ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ] ] . أي العقل : ولا يكون العبد عاقلا إلا إذا كان بهذا الوصف الذي ذكرناه فإن من كان في ظاهره أو باطنه صفة يكرهها الله فليس بعاقل كامل ولا يتقدم للصف الأول بين يدي الله في المواكب الإلهية إلا الأنبياء والملائكة ومن كان على أخلاقهم وأما من تخلف عن أخلاقهم فيقف في أخريات الناس خيرا له فينبغي للإمام أن يأمر كل من عمل بعلمه بالتقدم كلما صلوا خلفه حتى يكون ذلك من عاداتهم في الوقوف ويأمر بالتخلف إلى وراء كل من رآه لا يعمل بعلمه ويعامل المصلين بما يظهروه من الصفات الحسنة أو السيئة فليس تأخيره لبعض الناس سوء ظن به إنما هو بحسب ما أظهر الناس من الأعمال الناقصة ثم إن العمل بهذا العهد يعسر جدا على من يصلي خلفه المجادلون بغير علم فإن كل واحد يقول أنا أفضل من فلان الذي قدم علي في الصف الأول أو الثاني مثلا وربما سهل العمل به في المساجد التي يحضرها العوام أو يكون أهلها مضبوطين كزوايا المشايخ التي فقراؤها تحت طاعة إمامهم .
ويؤيد ما ذكرناه من شروط التقدم للصف الأول ما رواه ابن ماجه والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم وقال صحيح على شرطهما مرفوعا عن العرباض بن سارية : أن رسول الله A كان يستغفر للصف المتقدم ثلاثا وللثاني مرتين وللثالث مرة . أي لأن كثرة الاستغفار للشخص قد تكون لكثرة ذنوبه وقد تكون لرفعة مقامه فأحد الاحتمالين يشهد لما قلناه . وأما حديث : خير صفوف الرجال أولها . فالمراد بالرجال الكمل من الأولياء الذين هم كما وصفنا في أول العهد فإن طهر الله تعالى يا أخي باطنك وظاهرك فبادر للصف الأول وإلا فالزم الأدب : وسيأتي في عهود المنهيات أن مما يشهد لنا في تأخير من يحب الدنيا إلى الصف الثاني وما بعده قوله A في حديث للترمذي مرفوعا : [ [ الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له يجمعها من لا عقل له ] ] . فنفى كمال العقل عن كل من يجمع منها شيئا زائدا على غدائه وعشائه في يومه وليلته وما سلم من هذا الأمر إلا قليل من الناس ويؤيده أيضا قول الإمام الشافعي Bه : لو أوصى رجل بشيء لأعقل الناس صرف ذلك إلى زهاد في الدنيا . وإيضاح ما أشار إليه الحديث من نفي كمال العقل عمن يجمع الدنيا إلا لله لا من يجمعها حين يجمعها وفي بلده من هو مستحق لإنفاقها عليه من مديون ومحبوس وجيعان ونحو ذلك فإن كانت نيته بالجمع خيرا فهذا منه فينبغي تقديمه عند كل عاقل اكتسابا للأجر ونحو ذلك فإن كانت نيته بالجمع خيرا فهذا منه فينبغي تقديمه عند كل عاقل اكتسابا للأجر وغير ذلك من أمسك عن الإنفاق ورجح الحرص والشح عليه فهو ناقص العقل وما قررناه من تأخير مرتكب المعاصي وجامع الدنيا عن الصف الأول هو ما عليه طائفة الصوفية وجمهور العلماء لا على الأمر بتقديم الوقوف في الصف الأول على غيره مطلقا كما هو مقرر في كتب الفقهاء فاعلم ذلك والله يتولى هداك