- روى الترمذي وقال حديث حسن مرفوعا : [ [ من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة قال رسول الله A : تامة تامة تامة . وفي رواية للطبراني : [ [ انقلب بأجر حجة وعمرة ] ] . وروى الطبراني مرفوعا ورواته ثقات : [ [ من صلى الصبح ثم جلس في مجلسه حتى تمكنت الصلاة يعني ترتفع الشمس كرمح كان بمنزلة حجة وعمرة متقبلتين ] ] . قال ابن عمر : وكان رسول الله A إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى يمكنه الصلاة . وفي رواية للطبراني مرفوعا : [ [ من صلى الصبح في جماعة ثم يثبت حتى يسبح الله سبحة الضحى كان له كأجر حاج ومعتمر تاما له حجه وعمرته ] ] . قلت ولا يستبعد مؤمن حصول الأجر العظيم على العمل اليسير فإن مقادير الثواب لا تدرك بالقياس فللحق أن يجعل الثواب الجزيل على العمل القليل والله سبحانه أعلم . وفي رواية للإمام أحمد وأبي داود وأبي يعلي مرفوعا : [ [ من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفرت خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر ] ] . وفي راوية لأبي يعلى [ [ وجبت له الجنة ] ] . وفي رواية لابن أبي الدنيا مرفوعا : [ [ من صلى الفجر ثم ذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس لم يمس جلده النار أبدا ] ] . وفي رواية للبيهقي زيادة قوله : [ [ ثم صلى ركعتين أو أربع ركعات بعد طلوع الشمس ] ] والباقي بلفظه . وفي رواية لأبي يعلي والطبراني مرفوعا : [ [ من صلى الفجر أو قال الغداة فقعد في مقعده فلم يلغ بشيء من أمور الدنيا ويذكر الله تعالى حتى يصلي الضحى أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب له ] ] . وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والطبراني عن جابر بن سمرة قال : كان النبي A إذا صلى الفجر جلس في مجلسه حتى تطلع الشمس حسا . وفي رواية للطبراني كان رسول الله A إذا صلى الصبح جلس يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس . والله سبحانه وتعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن نواظب على جلوسنا في مصلانا للذكر بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وترتفع ونصلي ركعتين أو أربعا وعلى جلوسنا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس .
ويلحق بالجلوس للذكر الجلوس لخير من علم شرعي أو إرشاد أو صلح بين الناس ونحو ذلك كما كان عليه فقهاء التابعين فكان عطاء ومجاهد يقولان : المراد بذكر الله علم الحلال والحرام . وقال مشايخ الصوفية : المراد بذكر الله تعالى أن يذكره بأسمائه الحسنى وقد تبعهم على ذلك جمهور أهل الطريق الذين أدركناهم كسيدي علي المرصفي والشيخ تاج الدين الذاكر وغيرهما . فكان سيدي علي المرصفي يجلس بعد صلاة العصر يرشد الناس في أمورهم بقراءة كتب القوم كرسالة القشيري وعوارف المعارف ونحوهما من مؤلفاته وكان سيدي الشيخ تاج الدين يجلس بعد صلاة العصر في قراءة البخاري وتفسير ما أشكل من ألفاظه إلى الغروب وكان سيدي محمد الشناوي يجلس بعد العصر يذكر الله تعالى إلى الغروب وكذلك كان يذكر بعد الصبح بلا إله إلا الله حتى تطلع الشمس فإن كان مسافرا ذكر ذكر المجلس هو وأصحابه وهو راكب حمارته C وكان سيدي محمد بن عنان يشتغل بالأوراد سرا من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس وينام بعد صلاة الوتر ثم يقوم يتهجد ويصلي الصبح فلا يزال في قراءة حزب سيدي أحمد الزاهد حتى تطلع الشمس ثم يشتغل بأوراد أخر إلى ضحوة النهار وكان لا يلتفت لأحد كلمه في هذين الوقتين لإقباله على الله تعالى Bه وكان الشيخ نور الدين على الشوني يصلي العصر ثم يشتغل بالصلاة على النبي A إلى الغروب ويجلس كذلك بعد الصبح ثم يختم مجلس الصلاة على النبي A بمجلس ذكر .
فلكل شيخ حال بحسب ما أقامه الله فيه وبعضهم أقامه الله في المراقبة في هذين الوقتين من غير لفظ بذكر ولا بغيره والسر في اشتغال العبد بالله في هذين الوقتين كون ذلك عقب تجلي الحق تعالى وغالب الناس يقنع بما وقع له من مدد تجلي الثلث الأخير من الليل وتجلي جمع القلوب على الحق تعالى في صلاة العصر مأخوذ من الضم كعصر الثوب من الماء فإذا فارق أهل الله تعالى ذلك التجلي حصل لهم زيادة شوق إلى الله تعالى حين أرخى بينه وبينهم الحجب بعد فراغ التجلي كما كان الأمر قبل التجلي فلما كان من الناس من ينسى الله تعالى بعد التجلي غار أهل الله تعالى من غفلة الناس عن ربهم فلذلك خص القوم تبعا للشارع هذين الوقتين بمجالس الذكر والخير لكون ذلك يذكر الناس بالله تعالى . وسمعت سيدي عليا الخواص C تعالى يقول : يفرق الله تعالى الأرزاق المحسوسة التي هي قوت الأجسام بعد طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس كرمح ويفرق الأرزاق المعنوية التي هي قوت الأرواح من بعد صلاة العصر إلى الغروب . وسمعته أيضا يقول : إنما أمر الله تعالى نبيه بالصبر مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي تقوية لقلوبهم وتنشيطا لهم إذا رأوه A جالسا معهم ليحوزوا فضيلة هذين الوقتين العظيمين . فهذا ما حضرني الآن من سر تخصيص هذين الوقتين بذكر الله تعالى . { والله عليم حكيم }