وتملقه فلما وصلنا إلى المدينة شرفها الله تعالى مرض مرضا شديدا وانفرد عنا فسرت إليه مع جماعة من أصحابنا نتعرف خبره فلما رأينا شدة ما به قال بعضنا لو أحضرنا له طبيبا ينظر إليه ويرى علته فلعله يكون عنده دواء فاستمع الشاب مقالته فتبسم من ذلك وقال يا مشايخي ويا أحبابي ما أقبح المخالفة بعد الموافقة من أراد الله له حالا وأراد هو غيرها أليس قد خالف الله في إرادته قال أبو يعقوب فخجلنا من كلامه فنظر إلينا وقال لو علمتم داء القتيل لطلبتم لدائه دواء إن الأمراض والأسقام فيها تطهير وتكفير وتذكير ودواء القتيل مشاهدة النفس وموافقة الهوى .
ثم أنشأ يقول .
( بيد الله دوائي ... وبعلم الله دائي ) .
( إنما أظلم نفسي ... باتباعي لهوائي ) .
( كلما داويت دائي ... غلب الداء دوائي ) .
فقمنا من عنده وتركناه يريد بقوله داء القتيل الداء الذي يقتل صاحبه وهو اتباع الهوى .
وقيل لحسان بن أبي سنان في مرضه كيف تجدك قال أجدني بخير إن نجوت من النار .
وقال بعض الصالحين دخلنا على مغيرة الخراز وهو مريض فقلنا له كيف تجدك فقال أجدني موقرا بالآثام فقلنا له فما تشتكي قال الحسرة على طول الغفلة قلنا فما تشتهي قال الإنابة إلى ما عند الله والنقلة عما يكرهه الله قال فبكى القوم جميعا .
ودخل الحسن البصري على عطاء السلمي وهو مريض فوجده قد علاه الغبار والصفار فقال يا عطاء لو خرجت إلى صحن الدار فكان يضربك