لمستحق بأفضل العدة .
اتقى عبد ربه نصح نفسه وغلب شهوته وقدم توبته فإن أجله مستور عنه وأمله خادع له والشيطان موكل به يمنيه التوبة ليسوفها ويزين لها المعصية ليركبها حتى تهجم عليه منيته أغفل ما يكون عنها وأنسى ما يكون لها وإن ما بين أحدكم وبين الجنة والنار إلا الموت أن ينزل به فيالها من حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو أن تؤدبه أيامه إلى شقوة جعلنا الله وإياكم ممن لا تبطره نعمة ولا تقصر به عن الطاعة معصية ولا تحل به بعد الموت حسرة إنه سميع الدعاء فعال لما يشاء .
ومن كلام بعضهم يا ابن آدم إنك لو رأيت ما حل بك وما أحاط بأرجائك لبقيت مصروعا لما بك مذهولا عن أهليك و أصحابك يا ابن آدم أما علمت أن بين يديك يوما يصم سماعه الآذان وتشيب لروعه الولدان ويترك ما عز وهان ويهجر له الأهلون والأوطان .
يا ابن آدم أما ترى مسير الأيام بجسمك وذهابها بعمرك وإخراجها لك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك وبعد ذلك ما لذكر بعضه تتصدع القلوب وتنضج له الجوانح وتذوب ويفر المرء على وجهه فلا يرجع ولا يؤوب .
وأنشدوا .
( لأمر ما تصدعت القلوب ... وباح بسرها دمع سكيب ) .
( وباتت في الجوانح نار ذكرى ... لها من خارج أثر عجيب ) .
( وما خف اللبيب لغير شيء ... ولا أعيا بمنطقه الأريب ) .
( ذراه لائماه فلا تلوما ... فربت لائم فيه يحوب ) .
( رأى الأيام قد مرت عليه ... مرور الريح تدفعها الهبوب ) .
( وما نفس يمر عليه إلا ... ومن جثمانه فيه نصيب ) .
( وبين يديه لو يدري مقام ... به الولدان من روع تشيب ) .
( وهذا الموت يدنيه إليه ... كما يدنى إلى الهرم المشيب ) .
( مقام تستلذ به المنايا ... وتدعى فيه لو كانت تجيب ) .
( وماذا الوصف بالغه ولكن ... هي الأمثال يفهمها اللبيب ) .
وخطب الحجاج يوما فقال أيها الناس إن الله كتب على الدنيا الفناء