فأقام عاما ثم أمرهم أن يخرجوه ثانية فأبوا عليه وخافوا من أبيه ثم إنه عزم عليهم فأخرجوه فأول من رأى من الناس شاب به جذام أو غيره من الأدواء فقال ما هذا ومم يكون فقالوا هذا فساد في المزاج وتحريك في الأخلاط فيتولد عنه هذا وغيره قال أهذا وحده أصحابه أم كلكم يخاف أن يصيبه هذا الداء قالوا ما عند أحد أمان كل أحد خائف من هذا الداء ومن غيره فإن الدنيا دار أمراض وأسقام ورزايا وبلايا .
قال وأنا أخاف قالوا وأنت قد أخبرناك أنه ليس لأحد أمان على نفسه قال فأصابه من الغم أكثر مما أصابه في المرة الأولى فرجع ورجعوا ولم يزالوا يشغلونه بضروب المحاب وأصناف الملاذ حتى أخرجوا من قلبه ما كان وقع فيه أو كادوا .
وأقام كذلك حولا ثم قال أخرجوني فأخرجوه فنظر فإذا برجل ميت يحمل قال ما هذا قالوا ميت قال وما ميت قالوا رجل مثلنا نزل به قضاء إلهي وحادث سماوي فأطفأ شرارته أحمد حرارته ورده حجرا من الحجارة وجمادا من الجمادات فقال علي به حتى أراه فجاءوا به وكشف له عنه .
فقال كلموه فقالوا إنه لا يتكلم .
فقال أجلسوه فقالوا إنه لا يجلس .
فجعل ينظر إليه ويتفكر فيه ثم قال وهذا وحده خص بهذا الحادث أو انتم كلكم ينزل بكم مثل ما نزل بهذا .
قالوا كلنا فيه سواء وكلنا ينزل به هذا الحادث قال وأنا قالوا وأنت وقد أخبرناك قال لا يدفع عني أبي قالوا ولا يدفع عنك أبوك ولا يدفع عن نفسه فقال إن نعيما يصير أخره إلى هذا لجدير أن يتكدر وإن قلبا يخطر به ذكر هذا لحقيق أن يتفطر .
قال وما تصنعون به قالوا نحفر له حفرة في الأرض ونرد عليه التراب إلى يوم النشور والعرض قال وما النشور والعرض قالوا هو يوم يعبث فيه الأموات وتظهر فيه المحبآت ويكون ويكون .
قال ولا بد منه قالوا لا بد منه فقال وهذه أشد