أنا قاعد له منذ اليوم قال فصليت عليه ثم قال لي الحمال ادخل معي حتى نواريه فنزلت في قبره فصوبه علي فأضجعته وحللت العقدة من عند رأسه فالتفت الميت إلي وقال سوف أشكرك عند الله غدا يا عمر ثم عاد كما كان .
ويروى عن أبي علي الروذباري قال قدم علينا فقير فمات فدفناه فكشفت عن خده فجعلته على التراب ليرحم الله غربته ففتح عينيه وقال يا أبا علي أتذللني بين يدي من يدللني فقلت يا سيدي أحياة بعد الموت فقال بلى أنا محب لله وكل محب لله فهو حي يا روذباري لأنصرنك غدا لجاهي عنده .
وقال أبو سعيد الخراز كنت بمكة فجزت على باب بني شيبه فرأيت به شابا حسن الوجه ميتا فنظرت في وجهه فتبسم في وجهي وقال يا ابا سعيد أما علمت أن الأحباء أحياء وإن ماتوا فإنما ينقلون من دار إلى دار .
واعلم رحمك الله أن الميت وإن كان لا يتكلم فقد يسمع الله تعالى كلاما منه ويريه على صورة حياة بشارة له بصلاته عليه ودفنه إياه واشتغاله به .
وقد حدثني الفقيه أبو القاسم عبد الرحمن بن يحيى القرشي قال لما مات أبي غسله المقريء أبو الحسن بن عطية فقال لي أبو الحسن لما كشفت الثوب عن وجهه لأغسله ضحك في وجهي لا أشك في ذلك ولا أرتاب .
وإذا جاز الخبر الأول جاز هذا أيضا فأبو القاسم وأبو الحسن صادقان عدلان من أهل المعرفة والذكاء .
وذكر الوليد بن عثمان وكان من الصالحين قال قدم علينا في إشبيليه رجل أسود فأقام في المسجد الذي كنت فيه ثم انتقل عنه لعلة أصابته فأقام في فرن يرقد فيه على الحطب ويتصدق عليه ثم إنه مات فنقلته إلى داري لأغسله فكشفت عنه الثوب لأغسله فبينما أنا أغسله إذ رأيت وجهه قد ابيض بياضا شديدا وصار مثل القمر ليلة البدر حسنا وعم البياض وجهه وعنقه خاصة دون سائر جسده فراعني ما رأيت وأرعدت وأصابني دهش عظيم فرددت الرداء على وجهه وخرجت فأنذرت جماعة من أصحابي وجئت بهم معي وأعلمتهم قصته فلما كشفوا الرداء عن وجهه راعهم حسنه وجماله وابيضاضه