@ 90 @ ولو لم تقم بينة ، وإن اشترطها فذلك له ، قاله القرطبي ، والظاهر عندي أنه لا بد من بينة لورود النص الصحيح بذلك . .
واختلف العلماء في السلب ما هو ؟ .
قال مقيده عفا الله عنه . لهذه المسألة طرفان ، وواسطة . .
طرف أجمع العلماء على أنه من السلب : وهو سلاحه ، كسيفه ، ودرعه ، ونحو ذلك ، وكذلك ثيابه . .
وطرف أجمع العلماء على أنه ليس من السلب : وهو ما لو وجد في هميانه ، أو منطقته دنانير . أو جواهر ، أو نحو ذلك . .
وواسطة اختلف العلماء فيها : منها فرسه الذي مات وهو يقاتل عليه ، ففيه للعلماء قولان : وهما روايتان عن الإمام أحمد ، أصحهما أنه منه ، ومنها ما يتزين به للحرب ، فقال الأوزاعي : ذلك كله من السلب ، وقالت : فرقة ليس منه ، وهذا مروي عن سحنون إلا المنطقة ، فإنها عنده من السلب ، وقال ابن حبيب في الواضحة ، والسواران من السلب ، والله أعلم . .
واعلم أن حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد . وفيهم ابن عمر ، وأن سهمناهم بلغت اثني عشر بعيراً ، ونفلوا بعيراً بعيراً ، دليل واضح على بطلان قول من قال : ( لا تنفيل إلا من خمس الخمس ) لأن الحديث صريح في أنه نفلهم نصف السدس . .
ولا شك أن نصف السدس أكثر من خمس الخمس ، فكيف يصح تنفيل الأكثر من الأقل ، وهو واضح كما ترى ، وأما غير ذلك من الأقوال ، فالحديث محتمل له . .
والذي يسبق إلى الذهن ، أن ما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عمر بلفظ ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش ، والخمس في ذلك واجب كله اه . .
يدل على أن ذلك التنفيل من الغنيمة بعد إخراج الخمس ، وهو ما دل عليه حديث حبيب بن سلمة المتقدمِّ ، وهو الظاهر المتبادر خلافاً لما قاله ابن حجر في ( الفتح ) من أنه محتمل لكل الأقوال المذكورة ، والله تعالى أعلم