@ 155 @ الكهف في الكلام على قوله تعالى : { وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُواْ إِذاً أَبَداً } فراجعه . .
ومعلوم أن قوله { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ } لم يقل أحد إنها شرطية اتفاقية ولم يدع أحد ، أنها لا علاقة بين طرفيها أصلاً . .
ومثال وقوع ذلك لأجل خصوص المادة فقط ، ما مثل به الفخر الرازي لهذه الآية الكريمة ، مع عدم انتباهه لشدة المنافاة بين الآية الكريمة وبين ما مثل لها به ، فإنه لما قال : إن الشرط الذي هو { إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ } باطل ، والجزاء الذي هو : { فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } صحيح . .
مثل لذلك بقوله : إن كان الإنسان حجراً فهو جسم ، يعني أن قوله : إن كان الإنسان حجراً شرط باطل فهو كقوله تعالى { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ } فكون الإنسان حجراً وكون الرحمن ذا ولد كلاهما شرط باطل . .
فلما صح الجزاء المرتب على الشرط الباطل في قوله : إن كان الإنسان حجراً فهو جسم دل ذلك على أن الجزاء الصحيح في قوله : { فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } يصح ترتيبه على الشرط الباطل الذي هو { إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ } . .
وهذا غلط فاحش جداً ، وتسوية بين المتنافيين غاية المنافاة ، لأن الجزاء المرتب على الشرط الباطل في قوله : إن كان الإنسان حجراً فهو جسم إنما صدق لأجل خصوص المادة لا لمعنى اقتضاه الربط ألبتة . .
وإيضاح ذلك أن النسبة بين الجسم والحجر ، والنسبة بين الإنسان والجسم هي العموم والخصوص المطلق في كليهما . .
فالجسم أعم مطلقاً من الحجر ، والحجر أخص مطلقاً من الجسم ، كما أن الجسم أعم من الإنسان أيضاً عموماً مطلقاً ، والإنسان أخص من الجسم أيضاً خصوصاً مطلقاً : فالجسم جنس قريب للحجر ، وجنس بعيد للإنسان ، وإن شئت قلت : جنس متوسط له . .
وإيضاح ذلك أن تقول في التقسيم الأول : .
الجسم إما نام أي يكبر تدريجاً أو غير نام ، فغير النامي كالحجر مثلاً ، ثم تقسم النامي تقسيماً ثانياً ؟ فتقول :