@ 154 @ الذي هو الجزاء لا يصح التمثيل بها لهذه الآية بوجه من الوجوه ، وأن ما ظنه الفخر الرازي من صحة التمثيل لها بذلك غلط فاحش منه بلا شك ، وإيضاح ذلك أن كل شرطية كاذبة الشرط صادقة الجزاء عند إزالة الربط لا بد أن يكون موجب ذلك فيها أحد أمرين لا ثالث لهما ألبتة . .
وكلاهما يكون الصدق به من أجل أمر خاص لا يمكن وجود مثله في الآية الكريمة التي نحن بصددها ، بل هو مناقض لمعنى الآية . .
والاستدلال بوجود أحد المتناقضين على وجود الآخر ضروري البطلان . .
ونعني بأول الأمرين المذكورين كون الشرطية اتفاقية لا لزومية أصلاً . .
وبالثاني منهما كون الصدق المذكور ، من أجل خصوص المادة . .
ومعلوم أن الصدق من أجل خصوص المادة لا عبرة به في العقليات ، وأنه في حكم الكذب لعدم اضطراده ، لأنه يصدق في مادة ويكذب في أخرى . .
والمعتبر إنما هو الصدق اللازم المضطرد ، الذي لا يختلف باختلاف المادة بحال . .
ولا شك أن كل قضية شرطها محال لا يضطرد صدقها إلا إذا كان جزاؤها محالاً خاصة . .
فإن وجدت قضية باطلة الشرط صحيحة الجزاء ، فلا بد أن يكون ذلك ، لكونها اتفاقية أو لأجل خصوص المادة فقط . .
فمثال وقوع ذلك لكونها اتفاقية قولك : إن كان زيد في السماء لم ينج من الموت . .
فالشرط الذي هو كونه في السماء باطل والجزاء الذي هو كونه لم ينج من الموت صحيح . .
وإنما صح هذا لكون هذه الشرطية اتفاقية . .
ومعلوم أن الاتفاقية لا علاقة بين طرفيها أصلاً . .
فلا يقتضي ثبوت أحدهما ولا نفيه ثبوت الآخر ولا نفيه ، فلا ارتباط بين طرفيها في المعنى أصلاً وإنما هو في اللفظ فقط . .
فكون زيد في السماء لا علاقة له بعدم نجاته من الموت أصلاً ، ولا ارتباط بينهما إلا في اللفظ . .
فهو كقولك : إن كان الإنسان ناطقاً فالفرس صاهل . .
وقد قدمنا إيضاح الفرق بين الشرطية اللزومية والشرطية الاتفاقية في سورة