@ 152 @ فإنها شرطية صادقة لصدق الربط بين طرفيها ، مع أنها كاذبة أحد الطرفين دون الآخر ، لأن عدم النجاة من الموت صدق ، وكون زيد في السماء كذب ، هكذا مثل بهذا المثال البناني ، وفيه عندي أن هذه الشرطية التي مثل بها اتفاقية لا لزومية ، ولا دخل للاتفاقيات في هذا المبحث . .
والمثال الصحيح : لو كان الإنسان حجراً لكان جسماً . .
واعلم أن قوماً زعموا أن مدار الصدق والكذب في الشرطيات منصب على خصوص التالي الذي هو الجزاء ، وأن المقدم الذي هو الشرط قيد في ذلك . .
وزعموا أن هذا المعنى هو المراد عند أهل اللسان العربي . .
والتحقيق الأول . .
ولم يقل أحد ألبتة بقول ثالث في مدار الصدق والكذب في الشرطيات . .
فإذا حققت هذا ، فاعلم أن الآية الكريمة ، على القول بأنها جملة شرط وجزاء لا يصح الربط بين طرفيها ألبتة بحال على واحد من القولين اللذين لا ثالث لهما إلا على وجه محذور لا يصح القول به بحال . .
وإيضاح ذلك أنه على القول الأخير ، أن مصب الصدق والكذب ، في الشرطيات إنما هو التالي الذي هو الجزاء ، وأن المقدم الذي هو الشرط قيد في ذلك . .
فمعنى الآية عليه باطل بل هو كفر . .
لأن معناه أن كونه أول العابدين يشترط فيه أن يكون للرحمن ولد ، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً . .
لأن مفهوم الشرط أنه إن لم يكن له ولد ، لم يكن أول العابدين ، وفساد هذا المعنى كما ترى . .
وأما على القول الأول الذي هو الصحيح أن مدار الصدق والكذب في الشرطيات على صحة الربط بين طرفي الشرطية . .
فإنه على القول بأن الآية الكريمة جملة شرط وجزاء لا يصح الربط بين طرفيها ألبتة أيضاً ، إلا على وجه محذور لا يجوز المصير إليه بحال ، لأن كون المعبود ذا ولد ، واستحقاقه هو ، أو ولده العبادة ، لا يصح الربط بينهما ألبتة إلا على معنى هو كفر بالله ، لأن المستحق للعبادة لا يعقل بحال أن يكون ولداً أو والداً .