@ 150 @ .
وإنما اخترنا أن { ءانٍ } هي النافية لا الشرطية ، وقلنا إن المصير إلى ذلك متعين في نظرنا لأربعة أمور : .
الأول : إن هذا القول جار على الأسلوب العربي ، جرياناً واضحاً ، لا إشكال فيه ، فكون إن كان بمعنى ما كان كثير في القرآن ، وفي كلام العرب كقوله تعالى : { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } أي ما كانت إلا صيحة واحدة . .
فقولك مثلاً معنى الآية الكريمة : ما كان لله ولد فأنا أول العابدين ، الخاضعين للعظيم الأعظم ، المنزه عن الولد أو الآنفين المستنكفين ، من أن يوصف ربنا بما لا يليق بكماله وجلاله ، من نسبة الولد إليه ، أو الجاحدين النافين ، أن يكون لربنا ولد ، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً لا إشكال فيه ، لأنه جار على اللغة العربية ، التي نزل بها القرآن ، دال على تنزيه الله ، تنزيهاً تاماً عن الولد ، من غير إيهام ألبتة لخلاف ذلك . .
الأمر الثاني : أن تنزيه الله عن الولد ، بالعبارات التي لا إيهام فيها ، هو الذي جاءت به الآيات الكثيرة ، في القرآن كما قدمنا إيضاحه ، في سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى : { وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا } . وفي سورة مريم في الكلام على قوله تعالى : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } والآيات الكثيرة التي ذكرناها في ذلك تبين أن ( إن ) نافية . .
فالنفي الصريح الذي لا نزاع فيه يبين أن المراد في محل النزاع النفي الصريح . .
وخير ما يفسر به القرآن القرآن فكون المعبر في الآية : وما كان للرحمن ولد بصيغة النفي الصريح مطابق لقوله تعالى في سورة بني إسرائيل { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا } . وقوله تعالى في أول الفرقان { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى المُلْكِ } . وقوله تعالى : { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ } . وقوله تعالى : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } وقوله تعالى { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } إلى غير ذلك من الآيات . .
وأما على القول بأن إن شرطية وأن قوله تعالى : { فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } جزاء