@ 98 @ .
فقال عبد الجبار : أرأيت إن دعاني إلى الهدى ، وقضى علي بالرديء ، دعاني وسد الباب دوني ؟ أتراه أحسن أم أساء ؟ .
فقال أبو إسحاق : أرى أن هذا الذي منعك إن كان حقاً واجباً لك عليه فقد ظلمك وقد أساء ، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ، وإن كان ملكه المحض فإن أعطاك ففضل ، وإن منعك فعدل ، فبهت عبد الجبار ، وقال الحاضرون : والله ما لهذا جواب . .
ومضمون جواب أبي إسحاق هذا الذي أفحم به عبد الجبار ، هو معنى قوله تعالى : { قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } . .
وذكر بعضهم أن عمرو بن عبيد جاءه أعرابي فشكا إليه أن دابته سرقت وطلب منه أن يدعو الله ليردها إليه . .
فقال عمرو ما معناه : اللهم إنها سرقت ولم ترد سرقتها ، لأنك أنزه وأجل من أن تدبر هذا الخنا . .
فقال الأعرابي : ناشدتك الله يا هذا ، إلا ما كففت عني من دعائك هذا الخبيث ، إن كانت سرقت ولم يرد سرقتها فقد يريد ردها ولا ترد ، ولا ثقة لي برب ، يقع في ملكه ما لا يشاؤه فألقمه حجراً . .
وقد ذكرنا هذه المسألة في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في الكلام عن آية الأنعام المذكورة في هذا البحث ، وفي سورة الشمس في الكلام عن قوله تعالى : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } . ! 7 < { أَمْ ءَاتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَآءَكُمْ قَالُواْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاًّبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِى فَطَرَنِى فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِى عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * بَلْ مَتَّعْتُ هَاؤُلاَءِ وَءَابَآءَهُمْ حَتَّى جَآءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ * وَلَمَّا جَآءَهُمُ الْحَقُّ قَالُواْ هَاذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ } > 7 ! قوله تعالى : { أَمْ ءَاتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } . أم هنا تتضمن معنى استفهام الإنكار ، يعني جل وعلا أن هذا الذي يزعم الكفار من أنهم على حق في عبادتهم الأوثان ، وجعلهم الملائكة بنات الله ، لا دليل لهم عليه . ولذا أنكر أن يكون آتاهم كتاباً يحل فيه ذلك وأن يكونوا مستمسكين في ذلك بكتاب من الله ، فأنكر عليهم هذا هنا إنكاراً دالاً على النفي للتمسك بالكتاب المذكور ، مع التوبيخ والتقريع . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من أن كفرهم المذكور لم يكن عن هدى من الله ، ولا كتاب أنزله الله بذلك ، جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى في سورة فاطر