@ 95 @ .
قالوا لأنه لو لم يكن راضياً به ، لصرفنا عنه ، فتكذيب الله لهم في الآيات المذكورة فنصب على دعواهم أنه راض به ، والله جل وعلا يكذب هذه الدعوى في الآيات المذكورة وفي قوله { وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } . .
فالكفار زعموا أن الإرادة الكونية القدرية ، تستلزم الرضى وهو زعم باطل ، وهو الذي كذبهم الله فيه من الآيات المذكورة . .
وقد أشار تعالى إلى هذه الآيات المذكورة ، حيث قال في آية الزخرف : { أَمْ ءَاتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } أي آتيناهم كتاباً يدل على أنا رضوان منهم بذلك الكفر ، ثم أضرب عن هذا إضراب إبطال مبيناً أن مستندهم في تلك الدعوى الكاذبة هو تقليد آبائهم التقليد الأعمى ، وذلك في قوله { بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ } أي شريعة وملة وهي الكفر وعبادة الأوثان { وَإِنَّا عَلَىءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ } . .
فقوله عنهم مهتدون هو مصب التكذيب ، لأن الله إنما يرضى بالاهتداء لا بالضلال . .
فالاهتداء المزعوم أساسه تقليد الآباء الأعمى ، وسيأتي إيضاح رده عليهم قريباً إن شاء الله . .
وقال تعالى في آية النحل بعد ذكره دعواهم المذكورة : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ } . .
فأوضح في هذه الآية الكريمة أنه لم يكن راضياً بكفرهم ، وأنه بعث في كل أمة رسولاً ، وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده ، ويجتنبوا الطاغوت أي يتباعدوا عن عبادة كل معبود سواه . .
وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده ، وأن بعضهم حقت عليه الضلالة أي ثبت عليه الكفر والشقاء . .
وقال تعالى في آية الأنعام { قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } .