@ 94 @ وقال تعالى : { فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } ، وقال تعالى : { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الاٌّ رْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } . .
وهذا الإشكال المذكور في آية الزخرف هو بعينه واقع في آية الأنعام ، وآية النحل . .
أما آية الأنعام فهي قوله : { سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ ىَابَآؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَىْءٍ } . .
وأما آية النحل ، فهي قوله : { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْءٍ نَّحْنُ وَلا ءَابَاؤُنَا } . .
فإذا عرفت أن ظاهر آية الزخرف وآية الأنعام ، وآية النحل : أن ما قاله الكفار حق ، وأن الله لو شاء ما عبدوا من دونه من شيء ولا أشركوا به شيئاً ، كما ذكرنا في الآيات الموضحة قريباً . .
فاعلم أن وجه الإشكال ، أن الله صرح بكذبهم في هذه الدعوى التي ظاهرها حق ، قال في آية الزخرف : { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } أي يكذبون ، وقال في آية الأنعام { كَذالِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ } ، وقال في آية النحل { كَذالِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } . .
ومعلوم أن الذي فعله الذين من قبلهم ، هو الكفر بالله والكذب على الله ، في جعل الشركاء له وأنه حرم ما لم يحرمه . .
والجواب عن هذا أن مراد الكفار بقولهم { لَوْ شَآءَ الرَّحْمَانُ مَا عَبَدْنَاهُمْ } وقولهم { لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا } مرادهم به أن الله لما كان قادراً على منعهم من الشرك ، وهدايتهم إلى الإيمان ولم يمنعهم من الشرك . دل ذلك على أنه راض منهم بالشرك في زعمهم .