@ 211 @ عن علَي ، ونعيم بن حماد إمام جليل ، وكان سيفاً على الجهمية ، روى عنه البخاري في صحيحه . .
قالوا : وقد صح عن النَّبي صلى الله عليه وسلم صحة تقرب من التواتر أنه قال : ( ذروني ما تركتكم فإنما هلك الذين من قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ، ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ) . وقد قدمنا إيضاح مرادهم بالاستدلال بالحديث . .
وقد ذكروا عن الصحابة والتابعين آثاراً كثيرة في ذم الرأي والقياس ، والتحذير من ذلك . وذلك كثير معروف عن الصحابة فمن بعدهم . وذكروا كثيراً من أقيسة الفقهاء التي يزعمون أنها باطلة ، وعارضوها بأقيسة تماثلها في زعمهم . وذكروا أشياء كثيرة يزعمون أن الفقهاء فرقوا فيها بين المجتمع ، وجمعوا فيها بين المفترق ، إلى غير ذلك من أدلتهم الكثيرة على إبطال الرأي والقياس . .
وقد ذكرنا في هذا الكلام جملاً وافية من أدلتهم على ذلك بواسطة نقل العلامة ابن القيم رحمه الله في ( إعلام الموقعين عن رب العالمين ) ولم نتتبع جميع أدلتهم لئلا يؤدي ذلك إلى الإطالة المملة . وقد رأيت فيما ذكرنا حجج القائلين بالقياس والاجتهاد فيما لا نص فيه ، وحجج المانعين لذلك . .
المسألة السادسة .
اعلم أن تحقيق المقام في هذه المسألة التي وقع فيها من الاختلاف ما رأيت أن القياس قسمان : قياس صحيح ، وقياس فاسد . .
أما القياس الفاسد فهو الذي ترد عليه الأدلة التي ذكرها الظاهرية وتدل على بطلانه ، ولا شك أنه باطل ، وأنه ليس من الدين كما قالوا ، وكما هو الحق . .
وأما القياس الصحيح فلا يرد عليه شيء من تلك الأدلة ، ولا يناقض بعضه بعضاً ، ولا يناقض البتة نصاً صحيحاً من كتاب أو سنة . فكما لا تتناقض دلالة النصوص الصحيحة ، فإنه لا تتناقض دلالة الأقيسة الصحيحة ، ولا دلالة النص الصريح والقياس الصحيح ، بل كلها متصادقة متعاضدة متناصرة ، يصدق بعضها بعضاً ، ويشهد بعضها لبعض . فلا يناقض القياس الصحيح النص الصحيح أبداً . .
وضابط القياس الصحيح هو أن تكون العلة التي علق الشارع بها الحكم وشرعه