@ 383 @ : الرابع أن يضاف الظرف المذكور إلى جملة اسمية . كقول الشاعر : % ( ألم تعلمي يا عمرك الله أنني % كريم على حين الكرام قليل ) % .
وقول الآخر : وقول الآخر : % ( تذكر ما تذكر من سليمى % على حين التواصل غير دان ) % .
وحكم هذا كما قبله . واعلم أن هذه الأوجه إنما هي في الظرف المبهم الماضي . وأما إن كان الظرف المبهم مستقبل المعنى ، كقوله : { وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ } فإنه لا يضاف إلا إلى الجمل الفعلية دون الاسمية . فتكون فيه الأوجه الثلاثة المذكورة دون الرابع . وأجاز ابن مالك إضافته إلى الجملة الاسمية بقلة ، كقوله تعالى : { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } وقول سواد بن قارب : يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } وقول سواد بن قارب : % ( وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة % بمغن فتيلاً عن سواد بن قارب ) % .
لأن الظرف في الآية والبيت المذكورين مستقبل لا ماض ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً } قال أبو حيان : فيه تنبيه على كونه من الشهداء ، لقوله تعالى فيهم : { بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } . .
قال مقيده عفا الله عنه : وجه هذا الاستنباط أن الحال قيد لعاملها ، وصف لصاحبها . وعليه فبعثه مقيد بكونه حياً ، وتلك حياة الشهداء ، وليس بظاهر كل الظهور . والله تعالى أعلم . .
هذا هو حاصل ما ذكره الله تعالى في هذه السورة الكريمة من صفات يحيى ، وذكر بعض صفاته في غير هذا الموضع ، كقوله في ( آل عمران ) : { فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ } ومعنى كونه { مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ } أنه مصدق بعيسى ، وإنما قيل لعيسى كلمة لأن الله أوجده بكلمة هي قوله ( كن ) فكان ، كما قال تعالى : { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ } . وقال : { إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ } . وهذا هو قول جمهور المفسرين في معنى قوله تعالى : { مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ } وقيل : المراد بكلمة الكتاب ، أي مصدقاً بكتاب الله . والكلمة في القرآن تطلق على الكلام المفيد ، كقوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى } ، وقوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً }