@ 374 @ اعتذر به أصحابنا من أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان معصوماً من الكبر . لأن كثيراً من الأئمة يوجدون لا كبر عندهم . ومنهم من علله بأن ارتفاع المنبر كان يسيراً ، والله أعلم . انتهى كلام القرطبي رحمه الله تعالى . .
قال مقيده عفا الله عنه : سنتكلم هنا إن شاء الله تعالى على الأحاديث المذكورة ، ونبين أقوال العلماء في هذه المسألة ، وأدلتهم وما يظهر رجحناه بالدليل . .
أما الحديثان اللذان ذكرهما القرطبي عن أبي داود فقد ساقهما أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن سنان وأحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي المعنى قال : ثنا يعلى ثنا الأعمش عن إبراهيم عن همام : أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان ، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه ، إلى آخر الحديث . ثم قال أبو داود رحمه الله : حدثنا أحمد بن إبراهيم ثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني أبو خالد عن عدي بن ثابت الأنصاري ، حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن . إلى آخر الحديث . ولا يخفى أن هذا الحديث الأخير ضعيف ، لأن الراوي فيه عن عمار رجل لا يُدرى من هو كما ترى . وأما الأثر الأول فقد صححه غير واحد ، وروى مرفوعاً صريحاً . قال ابن حجر في ( التلخيص ) في الكلام على الأثر والحديث المذكورين : ويعارضه ما رواه أبو داود من طريق همام : أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه ، فلما فرغ من صلاته قال : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؟ قال بلى . وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ، وفي رواية للحاكم التصريح برفعه . ورواه أبو داود من وجه آخر ، وفيه أن الإمام كان عمار بن ياسر ، والذي جبذه حذيفة ، وهو مرفوع لكن فيه مجهول . والأول أقوى ، ويقويه ما رواه الدارقطني من وجه آخر عن همام عن أبي مسعود : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه أسفل منه . ا ه من التلخيص . وقال النووي في ( شرح المهذب ) في الكلام على حديث صلاة حذيفة على الدكان وجبذ أبي مسعود له المذكور : رواه الشافعي وأبو داود والبيهفي . ومن لا يحصى من كبار المحدثين ومصنفيهم ، وإسناده صحيح . ويقال جذب وجبذ ، لغتان مشهورتان ا ه منه . وأما قصة المنبر التي أشار لها القرطبي ، وقال : إنها حجة من يجيز ارتفاع الإمام على المأموم فهي حديث سهل بن سعد : أن النَّبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر في أول يوم وضع ، فكبر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد وسجد الناس معه ، ثم عاد حتى فرغ ، فلما انصرف قال : ( أيها الناس ، إنما فعلت هذا لتأتموا بي ، ولتعلموا صلاتي ) متفق عليه . أما أقوال الأئمة في هذه