البيع الشرعي هو التراضي فعلى تقدير أنهما تراضيا على بيع الغائب فلمن وجده على غير الصفة التي رضي بها أن يتركه لإنكشاف عدم الرضى المحقق وهذا هو معنى خيار الرؤية عند المثبتين له ولكنهم يقولون قد انعقد البيع بنفس العقد ونحن نقول إن إنكشافه على خلاف الصفة التي وقع التراضي عليها قد عاد على التراضي السابق بالنقض فكأنه لم يكن وإذا حصلت الرؤية وحصل الرضا عندها فهذا هو البيع والشراء لا ما تقدمه .
وأما قوله ويبطل بالموت فهو غير مستقيم على قواعدهم التي يعملون عليها لأن الخيار حق ثابت لصاحبه ومجرد موته لا يصلح سببا لبطلانه على وارثه والحق كالملك في انتقاله عن الميت إلى وارثه فلا بد من وجود مخصص لهذه الكلية الثابتة بعمومات الكتاب والسنة وبالإجماع على الجملة وأما بطلانه بالإبطال بعد العقد فوجهه أن حق له وهو مفوض فيه وأما كونه يبطل بالتصرف فلكونه مشعر بالرضا به ولا وجه للفرق بين التصرف به والاستعمال لأن كلا منهما مشعر بالرضا بالمبيع وهكذا لا وجه لبطلانه بالتعيب والنقص عما شمله العقد إلا أن يكون ذلك بفعل من له الخيار فإنهما يشعران بالرضا بالمبيع ولا فائدة لقوله وجس ما يجس لأن ذلك قد دخل تحت قوله بتأمل لجميع غير المثلى والتأمل هو كل شيء يجسه وبما يهتدي به إلى معرفته والجس هو بمعنى التأمل لما يجس .
وأما قوله وسكوته عقبها فوجهه أنه مشعر بالرضا به وفيه ما فيه كما قدمنا في نظائره وأما الرؤية من الوكيل لها فلأنه ينكشف بها ما ينكشف برؤية الموكل إذا كان الوكيل له خبرة بمثل ذلك المبيع بخلاف الرسول المرسل لقبض المبيع فإنه غير قاصد للاطلاع على حقيقته ولا هو مبعوث من مرسله لهذا المقصد وأما ما ذكره من الرؤية للبعض يدل على الباقي فوجهه أن الشيء المتفق تقوم رؤية بعض أجزائه مقام الرؤية لجميعها وهكذا الرؤية المتقدمة فيما لا يتغير فإن الرائي قد وقف على حقيقته وليس المراد من الرؤية حال العقد وبعده إلا ذلك .
وأما قوله وله الفسخ قبلها فخبط على غير قياس فإن المناط عندهم هو أن يوجد