فليكن هذا منك على ذكر فإنه يخلصك من أمور شديدة وقعت في كتب الفروع .
قوله وقيء من المعدة ملأ الفم دفعة .
أقول قد عرفناك في أول كتاب الطهارة أن الأصل في جميع الأشياء هو الطهارة وأنه لا ينقل عن ذلك إلا ناقل صحيح صالح للاحتجاج به 1 غير معارض بما يرجح عليه أو يساويه فإن وجدنا ذلك فبها ونعمت وإن لم نجد ذلك كذلك وجب علينا الوقوف في موقف المنع ونقول لمدعي النجاسة هذه الدعوى تتضمن أن الله سبحانه أوجب على عباده واجبا هو غسل هذه العين التي تزعم أنها نجسة وأنه يمنع وجودها صحة الصلاة بها فهات الدليل على ذلك .
فإن قال حديث عمار إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والقيء والدم والمني .
قلنا هذا لم يثبت من وجه صحيح ولا حسن ولا بلغ إلى أدنى درجة من الدرجات الموجبة للاحتجاج به والعمل عليه فكيف يثبت به هذا الحكم الذي تعم به البلوى وهو لا يصلح لإثبات أخف حكم على فرد من أفراد العباد .
فإن قال قد ورد أنه ينقض الوضوء كما سيأتي .
قلنا فهل ورد أنه لا ينقض الوضوء إلا ما هو نجس .
فإن قلت نعم فأنت لا تجد إليه سبيلا وإن قلت قد قال بعض أهل الفروع إن النقض فرع التنجيس .
قلنا فهل هذا القول من هذا البعض حجة على أحد من عباد الله .
فإن قلت نعم فقد جئت بما لم يقل به أحد من أهل الإسلام وإن قلت لا قلنا فما لك والاحتجاج بما لم يحتج به أحد على أحد .
قوله ولبن غير المأكول إلا من مسلمة حية .
أقول الكلام على هذا كالكلام على الذي قبله وليس في الحكم بنجاسة اللبن على العموم ولا على الخصوص أثارة من علم ولا هو مما تستقذره الطباع لا من المأكول ولا من غيره ولا قام إجماع على نجاسته