أقول وجه جواز ذلك أنه قد ثبت مشروعية المشاورة ثم مشروعية المناصحة وهي من جملة حقوق المسلم على المسلم كما ثبت ذلك في الصحيح ولكن ليس ها هنا ما يضطر هذا المشير إلى الغيبة فإنه يمكن القيام بذلك بدونها كأن يقول للمستشير لا أشير عليك بهذا أو لا تفعل كذا أو نحو ذلك وليس عليه زيادة على هذا فإن الدخول في اغتياب من وقعت فيه المشاورة فضول من المشير لم يوجبه الله عليه ولا تعبده به ولا ألجأته إليه الضرورة .
قوله أو جرحا .
أقول وجه هذا إجماع المسلمين سابقهم ولاحقهم على جرح من يستحق الجرح من الرواة والشهود ولولا ذلك لوجد الكذابون إلى الكذب على رسول الله A مجالا واسعا وقالوا ما شاؤوا ووجد شهود الزور إلى أخذ أموال العباد طريقا قريبة ولكنه يجب التوقف من ذلك على قدر الحاجة فإن كفى الإجمال لم يجز للجارح أن يتعرض للتفصيل وإن لم يكف الإجمال كان له أن يأتيم أن التفصيل بما لا بد منه .
قوله أو شكا .
أقول إن كان المشكو عليه ممن لا ينتفع به الشاكي ولا يرجو منه فائدة فليس ذلك بمسوغ للغيبة وإن كان ينتفع به ويرجو منه إراحته مما وقع فيه فهذا جائز وقد استثنى الله سبحانه ذلك في كتابه بقوله لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم .
قوله ويعتذر المغتاب إليه إن علم .
أقول وجهه أن الغيبة مظلمة وجناية على عرض مسلم معصوم فالتوبة منها واجبة ولا يكون ذلك إلا بالتحلل من المظلوم والتضرع إليه بأن يعفو ولا وجه لقوله إن علم لأن المظلمة قد وقعت سواء علم أو لم يعلم فلا مخلص عنها إلا عفوه عنه