مع ذلك المنكر ومن أعظم ما يؤدي إليه الإنكار أن يفضي إلى تلف نفس المنكر أو عضو منه أو يذهب بماله مع عدم حصول التأثير الذي هو المطلوب بالإنكار وأي تأثير وقد تضاعف بسببه الشر وتزايد لأجله الظلم وانتهكت حرمة مع الحرمة وانضمت مصيبة إلى مصيبة بخلاف ما قدمنا من أنه يجب عليه المقاتلة إذا لم يمكن التقيد إلا بها فإنه هنالك على ثقة من التأثير وتمام ما تصدى له وأقل الأحوال أن يحصل معه الاحتمال وأما هنا فقد انقطع طمعه وارتفع رجاؤه مع ما انضم إلى ذلك من التأدية إلى ما هو أنكر .
قوله ولا يخشن إن كفى اللين .
أقول وجه هذا أنه يجب التوقف في الإنكار على قدر الحاجة وقد حصل المطلوب هنا بدون التخشين فالانتقال إلى التخشين مع تأثير التليين انتقال لم يأذن الله به ولا اقتضته الضرورة وقد أشار إلى سلوك هذا المسلك قول الله D فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى فإذا كان الله سبحانه قد أرشد رسله إلى التأدب بهذا الأدب مع أكفر الكفرة وأعظم العتاة المتمردين عليه فسلوكه مع القائمين مقام الإنكار الذين هم غير رسل مع بعض العصاة أو الظلمة من المسلمين أولى وأحق وأقدم وألزم .
قوله ولا في مختلف فيه على من هو مذهبه .
أقول هذه المقالة قد صارت أعظم ذريعة إلى سد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهما بالمثابة التي عرفناك والمنزلة التي بيناها لك وقد وجب بإيجاب الله D وبإيجاب رسوله A على هذه الأمة الأمر بما هو معروف من معروفات الشرع والنهي عما هو منكر من منكراته ومعيار ذلك الكتاب والسنة فعلى كل مسلم أن يأمر بما وجده فيهما أو في أحدهما معروفا وينهي عما هو فيهما أو في أحدهما منكرا وإن قال قائل من أهل العلم بما يخالف ذلك فقوله منكر يجب إنكاره عليه أولاثم على العامل به ثانيا وهذه الشريعة الشريفة التي أمرنا بالأمر بمعروفها والنهي عن منكرها هي