تغييره بيده كان ذلك فرضا عليه ولو بالمقاتلة وهو إن قتل فشهيد وإن قتل فاعل المنكر فبالحق والشرع قتله ولكنه يقدم الموعظة بالقول اللين فإن لم يؤثر ذلك جاء بالقول الخشن فإن لم يؤثر ذلك انتقل إلى التغيير باليد ثم المقاتلة إن لم يمكن التغيير إلا بها فإن كان غير قادر على الإنكار باليد أنكر باللسان فقط وذلك فرضه فإن لم يستطع الإنكار باللسان أنكر بالقلب وهذا يقدر عليه كل أحد وهو أضعف الإيمان كما قاله الصادق المصدوق A وبهذا تعرف أن اشتراط ظن التأثير إنما هو في الإنكار باليد ثم في الإنكار باللسان وأما الإنكار بالقلب فهو فرض على كل مسلم ولا يحتاج إلى تقييده بظن التأثير لأنه أمر كائن في القلب لا يظهر في الخارج ولا يحصل به تأثير .
وأما قوله والتضيق إلخ فوجه ذلك أنه لا يكون الشيء منكرا من فاعله إلا عند فعله أو عند الشروع في مقدماته ولكنه إذا ظن أن المنكر لا محالة واقع من فاعله ولو بعد حين كان عليه أن ينكر وإن لم يحضر وقت فعله لأن الكف عنه قبل الشروع فيه أو الانتهاء لفعله أقطع لعرقه وأحسم لمادته .
قوله إن لم يؤد إلى مثله أو أنكر منه .
أقول اعتبار هذا الشرط منه فإنه إذا كان القيام في مقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤدي إلى تجريء من وقع الأمر أو النهي له كما يفعل ذلك كثير من الظلمة الذين لايرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا ينزجرون بزواجر الله بل يجاوزون ما هم فيه إلى ما هو أشد منه قمعا لمن ينكر عليهم وسدا لباب إقامة حجة الله عليهم وحسما لمادة موعظة الواعظين لهم وقطعا لذريعة المناصحة من الناصحين وتأييسا للمظلومين على الفرج فلا يطمعون بعدها في الالتجاء إلى أهل العلم والفضل فها هنا يحق السكوت والرجوع إلى الإنكار بالقلب لأن التعرض للإنكار باليد واللسان ينشأ عنه اتساع دائرة المنكر على المظلومين ويحل بهم زيادة على ما هم فيه من المصيبة النازلة بهم وفي الشر خيار وقد ارتفع الوجوب بل ارتفع الجواز لأنه يوجب حدوث مظلمة مع تلك المظلمة ومنكر