حزم عن عبد الرحمن بن غنم قال كتبت لعمر حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم أن لا يحدثوا في مدينتهم ولا حولها ديرا ولا كنيسة وفيه أنهم لا يجدون ما خرب منها .
والحاصل أن إلزامهم بما ذكره المصنف وما ذكره غيره من الفقهاء قد دلت عليه الآية القرآنية المتقدمة وكفى بها .
قوله ولا يسكنون في غير خططهم إلا بإذن المسلمين لمصلحة .
أقول الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة قد تضمنت الأمر للأمة بإخراج اليهود من جزيرة العرب فلا وجه لمنعهم من سكون غيرها وإلزامهم أن يسكنوا في خططهم فإنهم قد صاروا بتسليم الجزية والتزام الصغار أهل ذمة ووجب على المسلمين رعايتهم وحفظ دمائهم وأموالهم وتركهم يسكنون حيث أرادوا في غير جزيرة العرب ولا ينافي الأمر بإخراجهم من جزيرة العرب ما ورد في حديث آخر من الأخر بإخراجهم من الحجاز كما أخرجه أحمد من حديث أبي عبيدة بلفظ أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب .
فإن ذلك هو من التنصيص لعى بعض أفراد العام وقد تقرر في الأصول أنه لا يصلح للتخصيص وهو الحق وغاية ما فيه الدلالة على تأكيد الأمر في ذلك الخاص لتخصيصه بالنص عليه وحده ومثل هذا لا يوجب إهمال دلالة الدليل على ما عداه .
وأما قوله إلا لمصلحة فهو من التخصيص للدليل الصحيح بنوع من أنواع المناسب المذكورة في علم الأصول ولا يصلح لذلك فقد قرر أهل الأصول أنفسهم أن من شرط العمل به أن لا يصادم دليلا وهو هنا قد صادم الدليل