لا ينافي جواز المصالحة لهم بضرب الجزية عليهم إذا كانوا في غير جزيرة العرب .
والحاصل أن من ادعى أن طائفة من طوائف الكفار لا يجوز ضرب الجزية عليهم بل يخيرون بين الإسلام والسيف فعليه الدليل ولا دليل تقوم به الحجة إلا ما ورد في المرتد كما قدمنا وكما سيأتي إن شاء الله .
وأما قوله ولا يردون حربيين فقد تقدم قريبا أن التخيير بين المن والفداء يفيد أنه يجوز ردهم حربيين بعد المن عليهم أو بعد أخذ الفداء منهم ولم يرد ما يدل على المنع من هذا وغاية ما هنا أنهم عند تسليم الجزية في أمان أهل الإسلام بتسليم ما يستحقون به عصمة دمائهم وأموالهم وهو الجزية وقد تقدم أن المؤمن يرد إلى مأمنه فإذا أراد الإمام ردهم إلى دار الحرب كان له ذلك لمصلحة يراها كما كان له أن يرد الأسرى حربيين .
قوله ويلزمون زيا يتميزون به فيه صغار الخ .
أقول وجهه أن الله سبحانه قد قال في كتابه حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فهذه الجملة الحالية قد أفادت أنه ينزل بهم ما فيه صفار في ملبوسهم وبيوتهم ومركوبهم ونحو ذلك من شؤونهم ويمنعون مما يخالف الصغار وهو التشبه بالمسلمين في ملبوسهم وبيوتهم ومركوبهم ونحو ذلك وقد أخذ عليهم عمر بن الخطاب Bه عهدا ذكر فيه ما يعتمدون عليه في حالهم ومالهم وكنائسهم ومن جملته أنهم لا يتشبهون بالمسلمين في ملبوساتهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر وفيه أنهم يجزون مقاديم رؤوسهم وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ولا يظهرون صليبا ولا شيئا من كتبهم في طريق المسلمين وفيه أنهم لا يضربون ناقوسا إلا ضربا خفيفا ولا يرفعون أصواتهم بالقراءة في شيء من حضرة المسلمين وهذا العهد العمري أخرجه ابن